الأمين ؛ لأنه هو النافخ ، ومن ثم كان الحضرة النبوية جدّا للحضرة العيسوية ، فاعرف جدا.
فعرف أنه قلة العلم إنما هي بالنسبة إلى السائلين ونحوهم لا بالنسبة إلى المجيب ،
__________________
ـ قال الله العظيم في كتابه الكريم المسمّى بالحق : (وَما خَلَقْنَا السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما لاعِبِينَ)[الدخان : ٣٨].
وسر هذه الأكوان وروحها : هو رحمة العالمين ، وحياة الواجدين الذي خرجت الدنيا من العدم إلى الوجود من أجله في أعين الناظرين.
فيكون معنى روح الحق في حقه صلىاللهعليهوسلم : إن رفيع الشأن : هو روح الأكوان ، وحياة الأزمان الذي هو للعام أمان.
ولعل ولي الله ، نفع الله به ؛ الشيخ سيدي أبو الحسن عليّ بن الوفا رحمهالله أشار إلى هذا المعنى بقوله في قصيدته :
روح الوجود حياة من هو واجد |
|
لولاه ما تمّ الوجود لمن وجد |
فأشار رحمة الله إلى أن الأجساد خلقها الله تعالى ، وأودع فيها أسرارا ، ولطائف من علمه ، روحانية خص بها أهلها لا يعلم كنهها ولا يحيط بها إلا خالقها.
فكذلك هذا العالم خلقه الله تعالى وأودع فيه سرا عظيما ، ونبيا رحيما ، وخصه بخصائص لا يعلمها إلا مانحها ، وأودع فيها من الحسن لطائف لا يحصيها إلا باذلها ، فجعل هذا الكون العظيم العلوي والسفلي قالبا لظهور نوره ، وصورة لإبراز روح سره.
ويحتمل أن يكون الحق المراد منه : ضدّ الباطل وأن الحق لا يكون محكوما به إلا إذا كان موافقا لحكمه ، ولا يتقرر له وجود إلا إذا وقف على شرعه.
وإلى هذا المعنى يرجع هذا الاسم الآخر في حقه المفرق بين الحق والباطل ، ويحتمل وجوها غير هذه يطول جلبها ، ونشر ذكرها ، فأقربها أن يكون الحق اسما من أسماء الله تعالى ، أطلق على الله ، والروح المضاف إليه من إضافة المخلوق إلى الخالق إضافة تشريف ، وإظهار تعريف.
فيكون معنى روح الحق في حقه صلىاللهعليهوسلم وتسميته به ، كما كان ذلك في حق عيسى رسول الله ، وأنه روح الله صلىاللهعليهوسلم.
ويكون المعنى : إن الله تعالى أضاف روح هذا النبي العظيم إلى نفسه من بين سائر الأرواح ؛ لأنها مخلوقة من أجله موصولة بوصله ؛ لأنه إنسان عينها ، وإكسير المحامد بأسرها.