وقال صلىاللهعليهوسلم : «إنكم تنصرون بضعفائكم» (١) ، فكما أن وجود الضعف نفسه جعل من أسباب التقوية والتأييد ؛ فكذا وجود الضعيف في المعركة ، ومحلّ الخوف إمّا بجسده أو بتوجّهه وهمته ؛ ولذا ما زالت العساكر منصورة مادامت من غير إعانة الهيئة ؛ ولذا حلّ للمبتلي أن يحادث الآخر في صورة الشكوى ؛ لأن المحادثة مما يهون الأمر عليه ؛ فهي من قبيل الإعانة الإلهية ، وإنما قلنا في صورة الشكوى ؛ لأن المحادثة مما يهون الأمر عليه ؛ فهي من قبيل الإعانة الإلهية ، وإنما قلنا في صورة الشكوى ؛ لأن لسان العارف لسان الحكاية لا لسان الشكاية ، فهذا لا ينافي الصبر ، كما قال أيوب عليهالسلام : (أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ) [الأنبياء : ٨٣].
وذلك أن المذموم هو الشكاية إلى الخلق لا إلى الحق ، فلو ترك الشكاية على الحق ؛ كان ذلك مكابرة مع ربوبيته ، ولا طاعة للعبد أن يقاوم الله تعالى في بلائه ، فعرض حاله على الله من كمال عبوديته ، إذ لا يتمّ العبودية إلا بإظهار العجز والافتقار ؛ ولذا شرّع الدعاء ، وأمّا الشكاية إلى الخلق ؛ بمعنى المحادثة والحكاية ؛ فذلك أيضا من قبيل العرض على الحق ؛ لأنه صادر عن المكاشف لا عن المحجوب.
__________________
(١) رواه البخاري (٣ / ١٠٦١) ، وأبو داود (٣ / ٣٢).