تعالى في هذه المرتبة يتّصف بصفات المخلوق ؛ كالتعجّب ، والفرح ، والضحك ، والتبشبش ، والمجيء والذهاب ، ونحو ذلك على ما جاء في الآيات والأخبار.
فالواجب في ذلك ترك التفحّص عن كيفيته ، وإبقاؤه على أصله على ما يعلمه الله ، ويريده من ذلك بلا تشبيه ، ولا تقييد ؛ لكن مشرب أهل الرسوم مالح فلا يذوق العذب ، وضيق فلا يسعه.
قوله تعالى : (وَلَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ) [التوبة : ٣٢] : أي المنكرون ، فظهر إن إنساء الأجل ليس بالمدة الصورية المعلومة عند الناس ؛ وهي الحياة الدنيوية الطويلة ، فإنها وإن كانت طويلة مادامت الأرواح العالية فيهم ، فإذا لم يحضروا ؛ جاء الخذلان ، ومن هنا وجب على السلطان أن يبايع خليفة من خلفاء الله ، فإنه على تقدير انتقاله من الدنيا ، فهو مع السلطان مادام في الحياة ؛ لأن عطاء الله غير محدود ، وإن الذي يحصل به المدد ؛ وهو الروح سواء كان مع جسده أولا.
كما قال تعالى : (فَالْمُدَبِّراتِ أَمْراً) [النازعات : ٥].
أمرا ، والناس عنه غافلون ، فيعدّون الأحياء الحقيقية أمواتا ، ويجعلون انتقالهم ؛ كانتقال الأحياء الصورية.
وقد ورد : «المؤمنون لا يموتون ؛ بل ينقلبون من دار إلى دار» (١) ؛ فإن المراد منهم : المؤمنون بالإيمان الحقيقي العياني الكامل لإطلاقه ، ولا شك أن المطلق مصروف إلى الكامل.
كما في قوله تعالى : (وَالْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ) [الأعراف : ١٢٨].
فإن المراد هي : العاقبة الكاملة الحميدة التي هي الجنة ، فالكفار وإن كان عقباهم النار ؛ لكنهم لا عقبى لهم في الحقيقة ؛ لكونها عقبى ذميمة.
__________________
ـ شيء ، ولا فوقه شيء ، فلا فوقه ولا تحته ، وفي شخصيته الإحساسية هو كما ترى ، ف (ما) بالمعنى الأول نافية ، ونافية أيضا إذا كان (هوى) بمعنى : سقط ، وبالثاني موصولة ، وهواء بمعنى : فراغ ، أو جوهر هباء ، وكلّ صحيح في حكم عالمه ودائرة حاكمه.
(١) لم أقف عليه.