قائمة الکتاب

    إعدادات

    في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
    بسم الله الرحمن الرحيم

    مرآة الحقائق [ ج ١ ]

    مرآة الحقائق

    مرآة الحقائق [ ج ١ ]

    تحمیل

    مرآة الحقائق [ ج ١ ]

    200/436
    *

    قال عزوجل : (حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِياطِ) [الأعراف : ٤٠] ، علّق ذلك بأضيق شيء ، ودخوله تعليقا بالمحال.

    ولا شك أن المعلّق محال ، فالفتح والدخول محال ، وفي ذلك وعيد شديد لأهل الإنكار والإصرار ، والواقعين في الأخيار والأبرار بتكذيب كراماتهم العلمية ، وآياتهم العرفانية.

    وفيه إشارة إلى أنهم كالجمل في الضخامة حيث إنهم يربّون أجسامهم بالشهوات ، وقلوبهم بالإنكار ، وأرواحهم بالجمل والحجاب ، فكما أن الجهل وهو في تلك الضخامة لا يمكن أن يدخل في سمّ الخياط ، وهو في تلك الدقة والضيف ؛ فكذا كفار الحقائق لا يمكن أن يدخلوا في باب الملكوت ؛ لضيقه ، ولا أن يسلكوا على صراط المعنى ؛ لدقته ؛ بل أرواحهم المظلمة تبقى بعد الموت الطبيعي في جو الهواء ؛ كأرواح غيرهم من الفجرة ؛ بل الفجور المعنوي المتعلّق بالقلب أشدّ من الفجور الصوري بالقالب ، وكم من ساقط من أهل الفجور الأول في غاية الأمر ، وقائم من

    __________________

    ـ فأراد رضي الله عنه بهذا التمثيل تقريب العقول الضعيفة القول للإمام الجنيد ، فالإناء مثل مضروب منه لعقله ، والماء مثل مضروب لمعروفه وهو الله.

    وقد اختلف الناس في تأويل هذا الخبر من علماء الرسوم ، ثم قال : المعرفة من كسب النفس ، فالحق قائم بها فالمعرفة نفسية ربانية جنانية.

    وقال : بالباء عرفه العارفون ، وبزوالها صحّ الدوام لهم في المعرفة : أي به عرفوه ، ولما غابوا عن معرفتهم بمعروفهم صحّ لهم دوامها ، ولو غفلوا عنه بها ثبت لهم نقيضها.

    ثم قال : وقال : المعرفة والسرور لا يجتمعان في أحد في الدنيا أبدا ، والمعرفة والحزن لا يجتمعان في الآخرة في أحد أبدا ما دام الرجل في هذه الدار ، فهو على قدم خطر ولو بلغ ما بلغ ؛ لأنها دار المكر والتبديل ، وقد ذم الفرح فيها لعدم تحقيق أسبابه من جميع الوجوه فإذا انتقلت إلى دار التمييز والتخليص وترآى الفريقان ، وانصبغ من انصبغ في الفضل والرحمة ، حينئذ يحق الفرح وقد أوتي العبد هنا الرحمة والفضل ، ويمنعه من الفرح بهما شغل القلب بأداء الحقوق هنا ، وهناك.