اعتداد بملوك الكفار ؛ لأن أموالهم وأراضيهم في الأهل الإسلام في الحقيقة ، فهم المتغلّبة لا الملوك على أن بعضهم نواب الحق ؛ لعدالتهم نحو أنوشروان فافهم جيدا ، اللهم عافنا من الظلمة ما أهل إليه قطعا.
ولذا قال الله تعالى : (ثُمَّ رُدُّوا إِلَى اللهِ مَوْلاهُمُ الْحَقِ) [المائدة : ٦٢].
اعلم أن الاسم الله المعروف لا يطلق إلا على الله خاصة كما قال تعالى : (هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا) [مريم : ٦٥].
بخلاف المنكر فإنه قد وقع إطلاقه على غيره كما قال تعالى حكاية عن فرعون : (ما عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرِي) [القصص : ٣٨].
فالمنكر إله حق ؛ وهو الله المعروف ، وإله باطل ؛ وهو ما يعبدونه من دون الله ؛ ولذا ورد : «لا إله إلا الله» (١) : أي لا إله حقا إلا الله.
فإن قلت : فإذا كان المعرّف لا يطلق إلا على المولى الحق ؛ فما معنى الإبدال بالمولى الحق.
قلت : لإرادة التصريح بالحقية ؛ ليؤذن بأن مولاهم الذي يعبدونه من دون الله ؛ هو المولى الباطل.
والباطل لا يكون مولى ، ولا يستحق لأن يعبد ؛ ولذا قال تعالى : (ذلِكَ بِأَنَّ اللهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَأَنَّ الْكافِرِينَ لا مَوْلى لَهُمْ) [محمد : ١١] ؛ يعني أن ما يعتقدونه مولى وناصرا في الحقيقة ؛ لكنه مولى وناصر للمؤمنين ؛ لأنهم نسبوا الألوهية إلى من هي له ، فنسبتهم نسبة غير صحيحة ؛ بل فاسدة باطلة ؛ ولذا قال : (إِنَّ اللهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ) [النساء : ٤٨] : أي لأن الغفر والستر إنما يتعلّق بالموجود ، ولا وجود للشرك إلا في الوهم ، فكيف يغفره الله؟ ثم قال : (وَوَجَدَ اللهَ عِنْدَهُ) [النور : ٣٩] : أي لأن الوجدان لا يتعلّق إلا بالموجود ، والله تعالى موجود أزلا وأبدا ، فمن فرّ منه ؛ فلا يجد شيئا حيث فرّ إليه إلا الله.
ولذا قال تعالى : (ثُمَّ رُدُّوا إِلَى اللهِ) [الأنعام : ٦٢] ، مع أنهم مردودون إلى
__________________
(١) رواه البخاري (١ / ١٦٤) ، ومسلم (١ / ٣٧).