وفي الحديث : «لو أنكم دليتم بحبل إلى الأرض السفلى ؛ لهبط على الله» (١) ، فاعرف الإشارة.
وقوله عزوجل : (وَكانَ اللهُ) [النساء : ١٠٠] بوجوده الحقيقي الباقي.
وقوله عزوجل : (غَفُوراً) [الآية : ١٠٠] ؛ ساترا لوجود عبده المجازي الفاني ، وقوله عزوجل : (رَحِيماً) [الآية : ١٠٠] بما يفيض عليه من أنواع فيوض أسمائه وصفاته غير وجوب الوجود ، فإن الماهية الإمكانية لا تقتضيه ، ولا يجتمع الوجوب والإمكان في صورة واحدة ؛ فهو تعالى هو والأشياء أشياء ، وليست إلا عكوس الأسماء والصفات.
فمن حيث إن الظل صورة ذي الظل قال من قال : أنا الحق ، وبينه وبين الحق بون بعيد ، فالمتجلّى هو الحق بصور أسمائه وصفاته ، والعبد عبد أبدا ليست له شائبة الربوبية أصلا ، ومن فهم هذا المقام وتحقق به ؛ نجا من ظلمات أهل الإلحاد ، والله ولي الإرشاد.
ومنه : نور التئام في المبدأ والمعاد ، ولو قال : هو الحق ، وأخرج نفسه عن البين ؛ لكان أليق بمقام المعرفة والشهود الكامل ، ثم إنه ولي الفقر والستر على أن هناك مغفورا ومستورا ؛ وهو الوجود الإمكاني الاعتباري الظلّي ، فهو وجود في الجملة ؛ ولذا تعلّق به الستر بخلاف الشرك ، فإنه لا وجود له إلا في الوهم.
ولذا قال تعالى : (إِنَّ اللهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ) [النساء : ٤٨] ؛ إذ الموهوم لا يتعلّق به الستر ؛ لكونه لا وجود له أصلا ، ومن هنا قال تعالى : (لا إِلهَ إِلَّا اللهُ) [محمد : ١٩].
فلو ارتفع الوهم ؛ انتفى النفي والإثبات ، وبقى الله الواحد بالذات ، وحسبك للإرشاد ، وقوله تعالى : (هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا) [مريم : ٦٥] يعني : ليس له سميّ وشريك في الاسم لما ليس له شريك في الذات ، ووجوب الوجود فظهر أن الشريك باطل صورة ومعنى ، والحق حق واحد صورة أولا وآخرا ، ظاهرا وباطنا ، قل الله ثم ذرهم فمن لم يقل : الله ؛ بل أضاف إليه ما سواه ، فهو في خوض يلعب.
__________________
(١) رواه الترمذي (٥ / ٤٠٣) ، وأبو الشيخ في العظمة (٢ / ٥٦٢).