كالخلفاء الاثنى عشر الذين أخرجهم المهدي المنتظر رضي الله عنه ، فالخلفاء ذو الظل ، والملوك الظل.
ولذا قال صلىاللهعليهوسلم : «السلطان ظل الله» (١) : أي ظل الحقيقة الإلهية ؛ كالصورة المرئية في المرء ، ولا شك أنا لظل تابع لذي الظل ، ومن ثم لم يفلح من السلاطين أحد إلا من بايع الخليفة فهم المبايعون فاعرف (٢).
ثم قد يكون النساء من الأقوياء ؛ ولكن قوتهن لا تقتضي الخلافة ؛ وإنما يقتضيها الضعف ، أمّا الأول : فلأن درجة الأنوثة ، وإن كانت نصف الحقيقة في الظاهر ؛ لكن قوة الأنوثة قوة مرتبة الجلال.
ولمّا كان الجلال أغلب وأقهر قال تعالى : (وَإِنْ تَظاهَرا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللهَ هُوَ مَوْلاهُ وَجِبْرِيلُ وَصالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلائِكَةُ بَعْدَ ذلِكَ ظَهِيرٌ) [التحريم : ٤] ؛ حيث قابل مظاهرة عائشة وحفصة بمظاهرة هؤلاء ؛ ولكن هي في الحقيقة مظاهرة الجلال
__________________
(١) تقدم تخريجه.
(٢) وقال الشيخ الأكبر في هذا المعنى رضي الله عنه في الباب الرابع والستين وثلاثمائة في معرفة منزل السرّين : لم سمّي هذا المنزل منزل السرّين؟ وهو سرّ عجيب أن الشيء الواحد تثنية نفسه لا غيره في المحسوس والمعقول ، فأمّا في المعقول فآدم ثنّاه ما فتح من ضلعه القصير من صورة حواء ، فكان واحد في عينه فثنّاه نفسه وصار زوجا ، وليست سوى نفسه التي بها قيل فيه : إنه واحد.
وأمّا في المعقول فالألوهية ليست غير ذاته ، ومعقول الألوهية خلاف معقول كونه ذاتا ، فثنّت الألوهية ذات الحق تعالى وليست سوى عينها فكانت في الحس من آدم ومن ثنّاه من ذاته رجالا ونساءا على صورة الزوجين.
كذلك بثّ من ذات الحق وكونه إلها للعالم على صورة هذين المعقولين صور كثيرة ، أسماء مؤثرة وأسماء متأثرة ذكورا وإناثا ، فالعالم لتوالد أجزائه على صور مؤثّر ومؤثّر فيه فاعل ومنفعل ، كما جرى في المحسوس فإن الله تعالى ما خلق من آدم وحواء عليهماالسلام أرضا وسماءا ، بل ما خلق منهما الأمثال في الصورة والحكم ؛ لأن الأصل واحد وما ثنّاه سوى نفسه ولا ظهرت كثرة إلا من عينه الواحدة ، فكان له كل شيء من العالم يدل على أنه واحد ؛ فإن الوجود بثّ منه صورا كثيرة ، وهي نسب أحكام الأعيان واستعدادات الممكنات في عين الوجود الواحد ، والنّسب هي صورة الحقائق الأسمائيّة الفاعليّة التي كثرت من نكاحاتها المعنوية في الحقائق الكونية ، وكثرت منها صور النّسب الواقعة بلفظ النّسب بفتحتين ، وهو مشتق من النّسبة ، فافهم.