بالجمال ، كما لا يخفى على أولي الألباب.
فإن الهويّة ، والروح ، والقوى الروحانية الجمالية لا شدة فيها ؛ وإنما الشدة في الصفات النفسانية ، ولا شك أن آدم بمنزلة الذات ، وحواء بمنزلة الصفات ؛ فهو منها بمنزلة النور من النار ، وأين النور من النار في الشدة؟ فالنساء مظاهر الصفات الجمالية في الصورة ، ومظاهر الصفات الجلالية في المعنى ؛ ولذا كن يغلبن الكرام ، ويغلبهن اللئام.
وأمّا الثاني : فإن المراد بالضعف هو الضعف الروحاني الذي به ينكسر سورة الصفات الإنسانية ، ويستعذبه الإنسان للخلافة كما قال تعالى : (وَخُلِقَ الْإِنْسانُ ضَعِيفاً) [النساء : ٢٨].
وقد سبق أن المراد بالإنسان هو آدم أصالة ، وحواء تبعية.
فإن قلت : فقد اندرجت حواء في الضعف ، فهي ضعيفة.
قلت : قد يكون بعض القوى قوية ، كما أشير إليه آنفا ؛ فحواء من هذا القبيل.
والحاصل أن العلويين علويون صورة ، وسفليون معنى ، وإن السفليين سفليون صورة ، وعلويون معنى ؛ كالتراب فإنه أعلى الحقائق ؛ ولذا أخذ آدم منه ؛ فكان أعلى فيه صورة الكل ، وإن حواء أخذت من الأعلى ؛ لكن لمّا كنت من الضلع القصير فصرت درجتها عن درجة آدم في الحقيقة ، وحكمت عليه في الظاهر ؛ لأن الضلع قوة متينة ، وكان انحناء آدم وحنوه أشد من انحناء حواء حنوها في الصورة ، وبالعكس في المعنى ، والله أعلم بالحقائق والعلوم ، ومنه جلاء كل معقول ومعلوم.
في سورة النساء : قال جلّ جلاله : (كُلَّما نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْناهُمْ جُلُوداً غَيْرَها لِيَذُوقُوا الْعَذابَ) [النساء : ٥٦].
المراد بالجلود هي الأبدان عبّر عنها بها من حيث إن الآثار إنما تشاهد على ظواهر الجلود والبشرة ، ولم يقل : لتذوق العذاب على أن يعود الضمير إلى الجلود ؛ لأن الذائق في الحقيقة هي النفس الحيوانية بواسطة الجلود.
نعم إن النفس الحيوانية ، والجلود في حكم واحد من حيث سريانها في الجلود والأبدان ؛ سريان الجمر في الفحم ، وماء الورد في ورق الورد ؛ لأن مرادنا بالنفس الحيواني غير النفس الناطقة المعبّر عنها بلسان الشرع الروح الأمري ، والإضافي ،