ولذا كانت كل واحدة منهن من متعلّقات النبي الأكمل الذي هو نبينا صلىاللهعليهوسلم ؛ لأن فاطمة رضي الله عنها بضعة منه ، وخديجة رضي الله عنها زوجته في الدنيا والآخرة ، ومريم وآسية رضي الله عنهما زوجتاه في الآخرة على ما شهدت به الأخبار ، ؛ ولهذا قال صلىاللهعليهوسلم : «أنا وأنت يا علي أبوا هذه الأمة» (١) ؛ فكانت فاطمة من أمهات المؤمنين إلى يوم القيامة فاعرف الإشارة.
وأمّا المراد بالإنسان فهو : آدم عليهالسلام أصالة ؛ لأنه هو الذي حمل الأمانة الكبرى أولا ، وأخذ الفيض من الله تعالى بلا واسطة ، وقد سبق إن حواء كانت ضلع من أضلاعه ؛ فكان حملها تابعا لحمله.
والحاصل أن آدم هو الحمّال معنى ، وأمّا حواء فهي الحاملة صورة ؛ ولذا لم تزل النساء حوامل الرجال ؛ فهن المحمول فيهن في الحقيقة لا الحوامل ، فتفطن لذلك فظهر أن الإنسان المطلق هم الرجال ، وأمّا النساء فمن لواحقه وتوابعه وأجزائه ؛ كالملائكة والجن وغيرهم.
ثم إن هذا بيان المراتب كل من الفريقين ، وإياك وسوء الفهم ، فكل أهل كمال من أهل الجمال مطلقا ، كما أن كل أهل نقصان من أهل الجلال مطلقا.
ثم اعلم أن النساء أمهات ، والأزواج آباء ، فقد يكون الولد خيرا منها نظيره في الأفاق هو النبي صلىاللهعليهوسلم ؛ لأنه خير من آدم وحواء ومن سائرهما جميعا ؛ لتحققه بالجمعية الكبرى ، وظهوره بالمرتبة العليا ، ولا حاجة إلى بيانه في هذا المحل ، فالتقدّم والتأخّر لا يمشيان في هذا الباب.
وإنما يجري الظهور بالخلافة العظمى ، ونظيره في الأنفس هو القلب ؛ فإنه خير من الروح في نهاية سلوكه ، وإن كان الروح خيرا منه في البداية ؛ فالقلب هو خليفة الله في أرض الوجود الأنفسي ، أو بكماله الحقيقي صار من صار خليفة في أرض الوجود الآفاقي أيضا ؛ بمعنى أنه كان مدادا لبقاء العوالم بصورتها ومعناها بخلاف الملوك والسلاطين ؛ فإن قطبيتهم إنما هي لصورة العالم إلا أن يكونوا من الخلفاء ؛
__________________
(١) لم أقف عليه.