وعلى مثل هذه الروايات اعتمد تاريخ الطبري ، وذلك لدقّة منهجيّته في إيراد الروايات ووضعها في مكانها ومن طرق متعدّدة ، بحيث يمكن للباحث أن يناقشها ويصل إلى رأي ، هذه المنهجية الشاملة دعت الباحثين للاهتمام بهذا التاريخ الذي استوعب تصنيفات ما قبله في هذا المجال (١).
إنّ إخراج الرسائل والكتب المؤمّنة عند عقبة بن سمعان دالّة على أمانته وأنّه ليس مجرّد مولى أو هو يعتني بأفراسه ويقدّمها له.
وعن عبد الرحمن بن جندب عن عقبة بن سمعان قال : «لمّا كان في آخرالليل أمر الحسين بالاستقاء من الماء ، ثمّ أمرنا بالرحيل ففعلنا ، قال : فلمّاارتحلنا من قصر بني مقاتل وسرنا ساعة خفق الحسين برأسه خفقة ثمّ انتبهوهو يقول : إنّا لله وإنّا إليه راجعون والحمد لله ربِّ العالمين ، قال : ففعل ذلك مرّتين أو ثلاثاً ، قال : فأقبل إليه ابنه عليّ بن الحسين على فرس له ، فقال : إنّالله وإنا إليه راجعون والحمد لله ربّ العالمين ، يا أبت جعلت فداك! ممّ حمدت الله واسترجعت؟ قال : يا بنيّ ، إنّي خفقت برأسي خفقة فعنّ لي فارس على فرس ، فقال : القوم يسيرون والمنايا تسري إليهم ، فعلمت أنّها أنفسنانعيت إلينا ، قال له : يا أبت لا أراك الله سوءاً ألسنا على الحقِّ ، قال : بلى والذي إليه مرجع العباد ، قال : يا أبت إذاً لا نبالي نموت محقّين .. الخ» ، والرواية طويلة ذكرها الطبري بتمامها وفيها وصف المسير إلى كربلاء إذ وصلهاالإمام عليهالسلام يوم الخميس وهو اليوم الثاني من محرّم سنة إحدى وستّين ، وفي اليوم الثالث منه قدم عمر ابن سعد من الكوفة في
__________________
(١) المؤرّخ الطبري من منظور استشراقي : ٣.