وحى لها القرار فاستقرّت
١ ـ وقوله تعالى : (قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ) [١].
قرأ ابن كثير وأبو عمرو (أَنَّهُ) بالفتح : (وَأَنْ لَوِ اسْتَقامُوا) [١٦] (وَأَنَّ الْمَساجِدَ لِلَّهِ) [١٨] (وَأَنَّهُ لَمَّا قامَ عَبْدُ اللهِ) [١٩] بالفتح أربعتهن.
وقرأ عاصم ونافع كذلك إلا قوله : وإنّه لمّا قام عبد الله فإنّهما كسراه ، وأمّا عاصم فكسره فى رواية أبى بكر.
وقرأ الباقون كلّ ذلك بالفتح إلا ما جاء بعد القول فاختلف النّاس ، فقال قوم : من فتح نسق على قوله : (قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ ... وَأَنَّهُ) ومن كسر رده على قوله : (فَقالُوا إِنَّا سَمِعْنا) ... وإنّا فإذا جاءت بعد فاء الشّرط ، والجزاء فمكسورة لا غير ؛ لأنّها موضع ابتداء ، وهو قوله : (وَمَنْ يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نارَ جَهَنَّمَ) [٢٣] بالكسر.
وقد روى عن طلحة بن مصرّف (١) فأَنّ له بالفتح جعله ابتداء التقدير : ومن يعص الله ورسوله إن له نار جهنّم.
وسألت ابن مجاهد عن قراءة طلحة هذا فقال : هو لحن.
وقال بعض أهل التّفسير (٢) : زعم أبو عبيد أن ما كان من قول الجن فهو مكسور بالنّسق على قوله : (إِنَّا سَمِعْنا) ومن فتح فعلى قوله : (قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ) قال : وهو المذهب عندى.
وقد أختلف فى هذه السّورة اختلافا شديدا ، وكان أبو عمرو أعلمهم بتأويل القرآن فلذلك حسن اختياره ، وسأبين مواضع الفتح والكسر (قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ) بالفتح / (فَقالُوا إِنَّا سَمِعْنا) بالكسر ، ثم تتابع كلام الجنّ إلى قوله : وإنّا ظننّا ثم يعترض كلام الله وهو قوله : وإنّه كان رجال وهذا
__________________
(١) البحر المحيط : ٨ / ٣٥٤.
(٢) يراجع معانى القران للزجاج : ٥ / ٢٣٣ ، ٢٣٤. وهو غير مقصود يقول المؤلّف هذا.