(ومن سورة الجنّ)
قال أبو عبد الله : إنّما سمّيت سورة الجن ؛ لأنّ الشّياطين لما رجمت وحرست السّماء منها بعد مولد رسول الله عليهالسلام ، قال إبليس : هذا شىء قد حدث فبثّ جنوده فى الآفاق ، وبعث تسعة منهم من اليمن إلى مكة ، فأتوا النّبى عليهالسلام وهو ببطن نخلة قائما يصلى يتلو القرآن فأعجبهم ما سمعوا ، ورقّوا له ، وأسلموا فكان من قولهم ما قصّ الله تعالى فى هذه السّورة : (قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ فَقالُوا إِنَّا سَمِعْنا قُرْآناً عَجَباً يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ).
فحدّثنى ابن مجاهد / عن السّمّرىّ عن الفرّاء ، قال (١) : قرأ جويّة الأسدىّ قل وُحِىَ مثل (وعد) فاستثقل الضمّة على الواو فجعلها همزة كما قيل : (٢)(وَإِذَا الرُّسُلُ أُقِّتَتْ) ووقّتت وذلك أن العرب تقول : وحيت إليه ، وأوحيت إليه بمعنى ، وومأت إليه ، وأومأت إليه. قال الرّاجز (٣)
__________________
(١) معانى القراء : ٣ / ١٩٠. وقد تقدم ذكر جوية.
(٢) سورة المرسلات : آية : ١١.
(٣) هو العجاج ، والبيت فى ديوانه : ٤٠٨ من أرجوزة أولها :
الحمد لله الّذى استقلّت |
|
بإذنه السّماء واطمأنت |
بإذنه الأرض وما تعلّت |
|
وحى لها القرار فاستقرّت |
وشدّها بالراسيات الثّبت |
|
ربّ البلاد والعباد القنّت |
وينظر : العين ٣ / ٣٢٠ مجاز القرآن : ١ / ١٨٢ ، وفعلت وأفعلت لأبى حاتم : ١٣٤ ، وجمهرة اللّغة لابن دريد : ١ / ٥٧٦ ، والمخصص : ١٤ / ٢٥٣ ، والصحاح واللّسان والتاج (وحى).