الحلول ، والحلول في المعدوم محال. ولا يجوز أن يقال إنّه يكون قادرا بقدرة معدومة ، لأنّ القدرة المعدومة لا تعلّق لها بالقادر ، ولأنّه لا اختصاص لها ببعض المعدومات دون البعض ، فكان يجب في المعدومات أجمع أن تكون اختصاص قادره ـ وقد علمنا أن في العدم عرضا كما أنّ فيه جوهرا. ولأنّ القدرة المعدومة لا يمكن فعل الجسم بها ، لأن الفعل إنما يمكن بالقدرة على أحد الوجهين : إمّا مباشرة وإمّا توليدا ، وكلا الوجهين لا يمكن به فعل الجسم. والقدرة لا يمكن الفعل بها إلا بعد استعمال محلّها في الفعل أو في سببه ضربا من الاستعمال ، وذلك لا يتأتى في المعدوم. فإذا لم يجز أن يكون قادرا بقدرة وجب أن يكون قادرا لنفسه ، ولو كان قادرا لنفسه لوجب في حال الوجود أيضا أن يكون كذلك ، لأنّ الوجود لا يجوز أن يكون محيلا لهذه الصفة ، كيف وهو مصحّح للأحكام! ولو كان قادرا لنفسه في حال الوجود لكان يجب أن يكون كل جزء منه قادرا ، لأنّ صفة النفس ترجع إلى الأجزاء والأبعاض ، فيجب في الجملة أن تكون قادرين كثيرين ضمّ بعضها إلى بعض ، فلا يقع الفعل بداع واحد وقصد واحد ، وكان يجب أن يصحّ التمانع بين أجزاء الجملة ، وكان يجب في كل جزء منها أن يصحّ فعل مثله ، لأنّ قضية العقل لا تفصل في ذلك (ن ، د ، ٣٦٦ ، ٥)
قدرة الممنوع
ـ إنّ الصحيح أنّ القدرة الواحدة متعلّقة بهذه الأجناس على كل حال. لكنّ أبا هاشم مع قوله بتعلّق هذه القدرة امتنع عن وصفها بأنّها قدرة على أفعال القلوب ، وأجراها مجرى المعدوم في امتناع هذا الوصف. والصحيح أن نجري هذه القدرة مجرى قدرة الممنوع فإنّها التي يمتنع الفعل بها لبعض الموانع. فأمّا إذا كانت معدومة فالفعل بها محال ولم تحصل لها الصفة التي يتبعها التعلّق ، فينبغي أن لا نمتنع من هذا الوصف (ق ، ت ٢ ، ١٠٤ ، ٦)
قدرة واحدة
ـ قد تقرّر أنّ في القدرة الواحدة لا يصحّ أن يقدر بها من الجنس الواحد في الوقت الواحد في المحلّ الواحد أزيد من جزء واحد (ق ، ت ١ ، ٢٧٠ ، ١٩)
قدريّ
ـ القدريّ من يدعي أنّه يفعل أفعاله مقدّرة دون ربّه ويزعم أنّ ربّه لا يفعل من اكتسابه شيئا (ش ، ل ، ٥٣ ، ١)
ـ القدري هو من يثبت القدر لنفسه دون ربّه عزوجل ، وأنّه يقدّر أفعاله دون خالقه ، وكذلك هو في اللغة ، لأنّ الصائغ هو من زعم أنّه يصوغ دون من يقول إنّه يصاغ له ، والنّجار هو من يضيف النجارة إلى نفسه دون من يزعم أنّه ينجر له ، فلمّا كنتم تزعمون أنكم تقدّرون أعمالكم وتفعلونها دون ربكم وجب أن تكونوا قدرية ، ولم نكن نحن قدرية ، لأنّا لم نضف الأعمال إلى أنفسنا دون ربنا عزوجل ، ولم نقل : إنّا نقدّرها دونه ، وقلنا : إنها تقدّر لنا (ش ، ب ، ١٤٦ ، ٣)
ـ كان (الأشعري) يذهب في معنى اسم القدريّ ووصفه إلى أنّ ذلك موضوع لمن يدّعي أنّه يقدّر أفعاله من دون الله تعالى أو يدبّرها بقدرته على