التوحّد به. وكان يقول : " شبّههم الرسول صلى الله عليه بالمجوس لنسبتهم الأفعال إلى أكثر من فاعل واحد ودعواهم تنزيه الله بنفي إرادة الشرّ عنه". وكان يقول إنّ الإنسان يصحّ أن يوصف بأنّه مقدّر على الحقيقة ، ولكن تقديره يكون مخلوقا لله تبارك وتعالى ، وهذا كما يصحّ أن يسمّى بانيا وكاتبا ومتحرّكا وضاربا ، وإن كان جميع هذه المعاني مخلوقة لله تعالى. وكان يقول إنّ الذي نفى عنّا هذا الوصف المذموم مع إثباتنا غير الله مقدّرا على الحقيقة فهو أنّا لم نجعل ذلك التقدير ممّا انفرد به غيره بل جعلناه تقديرا لغيره وخلقا له (أ ، م ، ١٠٦ ، ٣)
قدرية
ـ أمّا القدرية ، فالذين يعملون بالمعاصي ويقولون : هي من عند الله وهو قدّرها علينا (ر ، ك ، ١٤٨ ، ١)
ـ قيل : وما القدريّة يا رسول الله؟ وما المرجئة؟ ... فقال : أمّا القدرية فهم الذين يعملون المعاصي ويقولون إنّها من الله ، قضي بها وقدّرها علينا. وأمّا المرجئة فهم الذين يقولون : الإيمان قول بلا عمل. ثم قال ، صلىاللهعليهوآله : " القدرية مجوس هذه الأمة" (ي ، ر ، ٦٧ ، ٧)
ـ إنّه يلزم القدريّة إذا كان من قدر أن يؤمن قدر أن يكفر ، أن لا يكون الباري تعالى موصوفا بالقدرة على الأمر الذي لو فعله لكانوا مؤمنين لا محالة ، لأنّهم يقدرون عندهم على أن (لا) يكفروا عند نزول الآيات الملجئات إلى الإيمان ، كما يقدرون أن يؤمنوا قبل ذلك ، ومن قدر على الكفر عند نزول الآية لم يؤمن وقوعه عنه (ش ، ل ، ٢٧ ، ١٣)
ـ إن قالوا لم سمّيتمونا قدريّة ، قيل لهم لأنّكم تزعمون في أكسابكم أنّكم تقدّرونها وتفعلونها مقدّرة لكم دون خالقكم. والقدري هو من ينسب ذلك لنفسه ، كما أنّ الصائغ هو من يعترف بأنّه يصوغ دون من يزعم أنه يصاغ له ، والنجّار هو من يدّعي أنّه ينجر دون من يعترف بأنّه ينجز له ولا ينجر شيئا (ش ، ل ، ٥٢ ، ١٨)
ـ إن قال يلزمكم أن تكونوا قدرية لأنّكم تثبتون القدر ، قيل لهم نحن نثبت أنّ الله تعالى قدّر أعمالنا وخلقها مقدّرة لنا ولا نثبت ذلك لأنفسنا. فمن أثبت القدر لله تعالى وزعم أنّ الأفعال مقدّرة لربّه لا يكون قدريّا ، كما أنّ من أثبت الصياغة والنجارة لغيره لا يكون صائغا ولا نجارا. ولو كنّا قدريّة بقولنا أنّ الله فعل أفعالنا مقدّرة (لنا) لكانوا قدرية بقولهم إنّ الله تعالى فعل أفعاله كلها مقدّرة له. ولو كنا بقولنا إنّ الله قدّر المعاصي وقدرية لكانوا بقولهم إنّ الله قدّر الطاعات قدريّة. فلمّا لم يكن ذلك كذلك بطل ما قالوه (ش ، ل ، ٥٣ ، ٣)
ـ القدرية : هي التي لم تر الله ـ في فعل الخلق ـ تدبيرا ، ولا له ـ عليه ـ قدرة التقدير (م ، ت ، ١٠٠ ، ٨)
ـ فسّرت القدرية بنفيهم القدر على الله. والأصل في هذا أنّ المرجئة هي التي أرجت حقيقة أفعال الخلق إلى الله ، والقدرية هي التي نفت عن الله تدبيرها ، وجعلت كل التدبير فيها للخلق حتى معنى العالم ، وبم على تدبير الخلق هم أفنوا وأبقوا وبه قام تدبير الله من البعث وأهل الجنة والنار ، ليس لله في ذلك إلا الاختبار ، وكذا لا يحقق له في العالم أفعال سوى كونه بعد أن لم يكن (م ، ح ، ٣١٨ ، ١٣)
ـ اعلم أنّ القدرية عندنا إنّما هم المجبرة