على فعل الشيء لا يحسن إذا لم يفعله. فيجب أن يقال إنّ القدرة التي فيه وهو في مكانه الأوّل قدرة على المناولة وإن كان بينه وبينها مسافة ، حتى إذا لم يفعله صار مذموما على أن لم يفعل ما قدر عليه. وهذا لا يتمّ إلّا بأن تكون القدرة باقية يصحّ أن تقع بها مناولة الكوز وإن كانت بعد أوقات. وإلّا فإن كانت القدرة على المناولة غير حاصلة فيه وهو في مكانه الأوّل فيجب أن يكون مذموما على أن لم يفعل ما لم يقدر عليه ، وهذا قبيح بأوائل العقول (ق ، ت ٢ ، ١٤١ ، ٩)
قدرة الفعل
ـ قدرة الفعل ، فلو كانت تتقدّم الفعل ، لم يكن لإضافة الفعل إليها معنى ، والله أعلم. والأصل في ذلك : أنّ الله ـ تعالى ـ قال : (خُذُوا ما آتَيْناكُمْ بِقُوَّةٍ) (البقرة : ٦٣). ومعلوم أن المراد من ذلك الأخذ (بقوة الآخذ) (م ، ت ، ١٨١ ، ١٤)
قدرة القديم
ـ قال صاحب الكتاب (ابن الروندي) : لو اقتصرنا على قول أبي الهذيل وحده لأربى على كفره لم تضبطه العقول ؛ ولو نازعت المعتزلة عابدي الحجارة لم تظفر بهم وأبو الهذيل شيخها ، لأنّ الحجر لا يقدر أن يفعل بطباعه ، ومن قوله أنّه محال في قدرة القديم أن يفنيه وأن يعرّيه من أفعاله (خ ، ن ، ١٠٦ ، ٢١)
قدرة قديمة
ـ القادر على الشيء قادر على مثله. إذا كانت قدرته قديمة بحيث يجوز أن تتعلّق بمقدورين ، وقدرة كل واحد منهما تتعلّق بعدّة من الأجسام ، والجواهر ، فلم تتقيّد بمقدور واحد ، وإذا جاوز المقدور الواحد على خلاف القدرة الحادثة ، لم يكن بعض الأعداد بأولى من البعض ، بل يجب الحكم بنفي النهاية عن مقدوراته ، فيدخل كل جوهر ممكن وجوده في قدرته (غ ، ق ، ٧٧ ، ٦)
قدرة لا يتغيّر تعلّقها باختلاف
ـ حكي عن أبي علي أنّه لم يجعل قدر الجوارح قدرا على أفعال القلوب ولا قدر القلوب قدرا على أفعال الجوارح. وجعل القدرة متعلّقة على ما يصحّ وجوده في محلّها ، فلمّا لم يصحّ وجود العلم في اليد لم يجعل القدرة التي فيها قدرة على العلم. لكن هذا الكلام يوجب أن تجعل قدر القلوب قدرا على أفعال الجوارح ، لأنّ أفعال الجوارح يصحّ وجودها في القلب نحو الحركات وما أشبهها. والصحيح عندنا ما قاله أبو هاشم إن القدرة لا يتغيّر تعلّقها باختلاف المحلّ بها. ومعلوم أنّ غير هذه القدرة لو وجدت في القلب لصحّ بها أفعال القلوب ، ولو نقل الله عزوجل بعض أجزاء اليد بما فيها من القدرة وبناه مع أجزاء أخر بنية القلب لصحّ بما فيها أفعال القلوب (ق ، ت ٢ ، ١٠٣ ، ١٤)
قدرة متعلّقة
ـ النسبة بين المقدور والقدرة نسبة المسبّب إلى السبب ، وهو كونه به ، فإذا لم يكن به لم يكن بينهما علاقة ، فلم تكن قدرة إذ كل ما لا تعلّق له ، فليس بقدرة ؛ إذ القدرة من الصفات المتعلّقة ، قلنا هي متعلّقة ، وقولكم إنّ التعلّق مقصور على الوقوع بها ، يبطل بتعلّق الإرادة ،