الكلام. ولا فرق بين أن يكون له جنس واحد يضادّه أو أجناس كثيرة في وجوب قدرته على جميعها ، لأنّ ما أوجب كونه قادرا على جنس من أجناس أضداده يوجب كونه قادرا على سائر هذه الأجناس. ولا تختلف فيه حال القادرين أصلا لأنّ الطريقة فيهم وفي هذه الأجناس أجمع واحدة (ق ، ت ٢ ، ٨٥ ، ١٠)
قدرة على الضدين
ـ إنّ كونه تعالى قادرا على الضدّين لا يتضادّ فيه تعالى ، وإذا لم يتضادّ فيه لم يتضادّ فينا. ولا يصحّ إلّا مع القول بأنّ القدرة على الضدّين لا تتضادّ لأنّ تضادّ الموجب يقتضي تضادّ الموجب (ق ، ت ٢ ، ٥٢ ، ١٠)
قدرة على الفعل المختار
ـ إنّ القدرة على الاختيار توجد في القلب والقدرة على الفعل المختار توجد في الجوارح (ق ، ت ٢ ، ١٠٨ ، ١٨)
قدرة على ما لا يتناهى
ـ وجب وصف القديم تعالى بالقدرة على ما لا يتناهى لأنّ الذي يحصر المقدور هو القدرة ، فثبت قادرا على كل جنس ومن كل جنس على ما لا غاية له. ثم لا يراد بكونه قادرا على ما لا نهاية له أن يوجده وإنّما يراد أنّه لا قدر إلّا وهو قادر على أن يفعل مثله أو أزيد منه ، فتراعى في صحّة فعله له صحّة وجوده عليه في نفسه ، فيجري هذا مجرى كونه قادرا على الضدّين لأنّه لا يوجب وجودهما معا من جهته ، لأنّه لم يوصف بالجمع بينهما وإنّما يوصف بالقدرة عليهما. فكذلك الحال في الأفعال التي لا يتناهى ، أنّه لا يراد بذلك أنّه قادر على أن يوجدهما كلّها فلا معترض علينا بذلك (ق ، ت ١ ، ١٠٨ ، ١)
قدرة على مقدور غيره
ـ الأصل فيما يستحقّ تعالى من الصفة النفسية أنّها إنّما تجب إذا صحّت ، لأنّ القول بوجوب ما يستحيل يتناقض ، فلذلك تضمن وجوبها القول بصحّتها. فكل ما ثبت أنّه يصحّ عليه ، وجب أن يستحقّه ، وكل ما ثبت استحالته عليه ، لم يكن له في هذا الباب مدخل. فلذلك قلنا : إنّ كونه تعالى غير موصوف بالقدرة على مقدور غيره ، لا يناقض وصفنا له بأنّه قادر لنفسه في المعنى. ووصفنا له بأنّه غير مريد لبعض المرادات ، ينقض وصفنا له بأنّه مريد لنفسه في المعنى ، من حيث صحّ كونه مريدا لجميعه. فوجب كونه تعالى مريدا له ، كما نقوله في المعلوم (ق ، غ ٦ / ٢ ، ١٢٣ ، ١)
قدرة على المناولة
ـ في جواز بقاء القدر : اعلم أنّ من ذهب إلى أنّ القدرة لا تكون إلّا مع الفعل لم يجوّز بقاءها أصلا بل أوجب تجدّدها حالا فحالا. وفيمن قال بتقدّمها للفعل من زعم أنّها لا تبقى ، على ما تقوله البغداديون في أن شيئا من الأعراض لا يصحّ عليه البقاء. والذي اعتمده شيوخنا كلّهم في الدلالة على جواز البقاء على القدرة هو أنّ الواحد منّا إذا أمر غلامه بمناولة الكوز وبينه وبين الكوز مسافة ، فإذا مضى من الوقت ما يمكن فيه قطع تلك المسافة فلم يفعل هذه المناولة ، حسن منه ومن سائر العقلاء أن يذمّوه ، مع ما تقرّر في العقول أن ذمّ من لا يقدر