ـ اعلم أنّ الأصل في النصرة إنّما تستعمل إذا تعلّق الفعل بغيره ، فيقال إنّه منصور على غيره ، ولذلك يكثر استعماله في الحرب والقتل ، لكنه استعمل في سائر ما يقتضي الظفر بالعدو في الحال أو في الثاني ، فوصف الحجّة إنّها نصرة ، ووصفت الطاعة بذلك ، من حيث تؤدّي إلى المدح وزوال الذمّ ، والظفر من هذا الوجه بالعدو ، في الاستخفاف والإهانة ، واستعمل فيما يفعله تعالى بالمجاهد في الأمور التي معها يظفر بالكفار ، من تثبيت الأقدام ، وتقوية القلوب ، وما يثبته في قلوب العدو من الرعب ، والإمداد بالملائكة ، والتذكير بما يستحقّه المجاهد من عظم الثواب ، إلى غير ذلك. ولا بدّ من أن يعتبر في النصرة الظفر على وجه لا يتعقّبه المضار الموفية على ما يحصل في الحال من النفع والسرور ؛ لأنّه متى كان كذلك ، عاد الحال فيما حصل في الوقت إلى أنّه مضرّة. ولا تستعمل النصرة إلّا في المنافع وما يؤدّي إليها (ق ، م ٢ ، ٧٢٥ ، ١٩)
ـ أمّا النصرة فتنقسم : ففيها ما هو ثواب ، وفيها ما هو لطف. فأمّا الإمداد بالملائكة وتثبيت الأقدام ، فهو لطف ؛ لأنّ عنده يختار الجهاد ، أو يكون أقرب إلى اختياره. وأمّا ما يفعله تعالى من أنواع المدح والتعظيم ، فهو الثواب. فعلى هذا يجب أن يجري القول فيها (ق ، م ٢ ، ٧٢٧ ، ٣)
ـ أمّا الكلام في النصر والخذلان ، وما يجوز أن يكون لطفا منهما وما لا يجوز ، فقد اختلف قول أبي علي ، رحمهالله ، في ذلك. فيقول في موضع : إنّ النصرة كلها ثواب ، والخذلان كله عقاب. ويقول في موضع آخر : إنّ النصرة فيها ثواب وفيها غيره ، ويومئ إلى أنّه لطف. وقد نصره أبو هاشم ، رحمهالله ، وذلك أن ما يفعله تعالى من إيقاع الرعب في قلوب الكافرين لكي يظهر عليهم المؤمنين لا يمنع أن يكون لطفا ، وكذلك فيما يفعله تعالى بالمؤمنين عند المجاهدة من تثبيت قلوبهم وأقدامهم لا يمتنع أن يكون لطفا في وقوع الظّفر منهم ، وما يفعله تعالى من تأييد المجاهدين بالملائكة على ما ورد به الخبر لا يمتنع أن يكون لطفا. فما حلّ هذا المحلّ لا يمتنع أن يكون لطفا ، بل يجب في بعضه أن يكون لطفا ، لأنّه لا وجه يحسن لأجله سواه (ق ، غ ١٣ ، ١١١ ، ١٢)
نطق
ـ النطق عندنا هو التصرّف في العلوم والصناعات ومعرفة الأشياء على ما هي عليه (ح ، ف ١ ، ٨٠ ، ١٦)
نظر
ـ (لِنَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ) (يونس : ١٤) ... ومعنى ننظر أي نحكم عليكم بما يكون من خبركم (ي ، ر ، ٤٦ ، ٦)
ـ إن قال قائل زيدوني وضوحا في صحّة النظر ، قيل له قول الله تعالى مخبرا عن إبراهيم عليهالسلام لمّا رأى الكوكب (قالَ هذا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قالَ لا أُحِبُّ الْآفِلِينَ فَلَمَّا رَأَى الْقَمَرَ بازِغاً قالَ هذا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قالَ لَئِنْ لَمْ يَهْدِنِي رَبِّي لَأَكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ) (الأنعام : ٧٦ ـ ٧٧) فجمع عليهالسلام القمر والكوكب في أنّه لا يجوز أن يكون واحد منهما إلها ربّا لاجتماعهما في الأفول. وهذا هو النظر والاستدلال الذي ينكره المنكرون وينحرف عنه المنحرفون (ش ، ل ، ٩ ، ١٥)