صحّ أن يتوب مما لا يعلمه من القبائح التي أوقعها ، إذا ظنّها ، كما يصحّ أن يتوب مما لا يعلم تفصيله ، ولذلك شرطنا ما قدّمناه. وقد يجوز أن يكون الندم توبة مما لا تعلّق له به ، إذا تعلّق بسببه (ق ، غ ١٤ ، ٣٥٠ ، ١٢)
نزول
ـ أما نزول كلام الباري تعالى فمعنى نزول الملك به ، فليس يستدعي النزول انتقالا ، فإنّك تقول نزلت عن كلامي ونزل الأمير عن حقّه ، وقد ورد إليّ الخبر نزول الربّ تعالى إلى السماء الدنيا ، وورد في القرآن مجيئه وإتيانه ، وذلك لا يستدعي انتقالا كما حقّق في التأويلات (ش ، ن ، ٤٦٦ ، ٧)
نسب
ـ النّسب والإضافات أمور لا يكون لها وجود إلّا في العقل ، واعتبارها في الأمور الخارجيّة هو كون تلك الأمور صالحة لأن يعقل منها تلك النسب والإضافات ، أي تكون بحيث إذا عقلها عاقل حصل في عقله تلك النّسبة أو الإضافة (ط ، م ، ٣٦ ، ٢)
نسخ
ـ النسخ لا يقع في قرآن قد نزل وتلي وحكم بتأويله النبيّ صلىاللهعليهوسلم ، ولكنّ النسخ ما أنزل الله به على هذه الأمّة في حكمه من التفسير الذي أزاح الله به عنهم ما قد كان يجوز أن يمتحنهم به من المحن العظام التي كان صنعها بمن كان قبلها من الأمم (ش ، ق ، ٦٠٧ ، ٩)
ـ إنّ التبديل والنسخ إنّما يكون ويتصوّر في الرسم من خط أو تلاوة ؛ أو في حكم ، فيكون تقدير الكلام : وإذا بدّلنا حكم آية أو تلاوة آية ، دون المتلو القديم الذي لا يتصوّر عليه تبديل ولا تغيير ، وقد بيّن ذلك سبحانه وتعالى وأخبر أنّ كلامه القديم لا يغيّر ولا يبدّل (ب ، ن ، ٧٧ ، ١)
ـ أمّا ، النسخ فهو في الأصل الإزالة أو النقل ، على ما اختلف فيه أصحابنا ؛ فأمّا في الشرع ، فهو إزالة مثل الحكم الثابت بدلالة شرعية بدليل آخر شرعيّ ، على وجه لولاه لثبت ولم يزل مع تراخيه عنه ، فاعتبرنا أن يكون إزالة مثل الحكم الثابت ، لأنّه لو زال عين ما كان ثابتا من قبل ، لم يكن نسخا بل كان نقضا. واعتبرنا أن تكون الدلالتان شرعيتين ، لأنّهما لو كانا عقليتين أو إحداهما عقليّة والأخرى شرعيّة لم يعد نسخا ؛ ألا ترى أنّ من لزمه ردّ الوديعة مثلا ، ثم لم يلزمه بعد ذلك لعجز طرأ عليه أو لمرض اعتراه ، لم نقل : إنّه قد نسخ عنه ردّ الوديعة (ق ، ش ، ٥٨٤ ، ١)
ـ قوله عزوجل (ما نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِها نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْها أَوْ مِثْلِها) (البقرة : ١٠٦) فجوّز النسخ على الآية وهو الإبدال والإزالة وجوّز النسيان عليهما ، وكل ذلك يدلّ على حدث الآية ؛ لأنّها لو كانت قديمة لم يصحّ فيها ذلك. وأن يأتي بخير منها يدلّ على أنّها محدثة ، لأنّ القديم لا يوصف بأنّ القادر يأتي بخير منه (ق ، م ١ ، ١٠٣ ، ١٦)
ـ اعلم ... أنّا قدّمنا في معنى النسخ ما يغني ، من حيث كشفنا عن العبادات ، ما يستمرّ وما لا يستمرّ ، وما يجوز أن يزول إلى بدل ، وما يزول لا إلى خلافه ؛ وهذا هو معنى النسخ ؛ فأمّا ما نفيده بهذه اللفظة فقد علمنا أنّ العبادة الشرعيّة