فيوصف بأنّه مندوب إليه ، ومرغوب فيه ، ولا يوصف بأنّه إحسان إلى الغير (ب ، م ، ٣٦٥ ، ١)
ـ حكي عن بعض الفقهاء أنّ قولنا" سنّة" يختصّ بالنفل ، دون الواجب. وهذا أشبهه من جهة العرف. ويوصف بأنّه" إحسان" إذا كان نفعا موصلا إلى الغير ، قصدا إلى نفعه. ويوصف بأنّه" مأمور به" ، لأنّ أمر الله تعالى قد تناوله. فهذه هي الأوصاف التي تختصّ" الندب" (ب ، م ، ٣٦٧ ، ٢٥)
ـ من حق الندب أن يستحقّ الثواب والمدح بفعله ؛ ولا يستحقّ الذمّ بالإخلال به ولا العقاب. لأنّهما ، لو استحقّا على الإخلال بالمندوب إليه ، لكان واجبا. وإنّما ذمّ الفقهاء من عدل عن جميع النوافل ، لاستدلالهم بذلك على استهانته بالخبر ، وزهده فيه. والنفوس تستنقص من هذه سبيله (ب ، م ، ٣٦٨ ، ١)
ـ إنّ هذه الأحكام التي هي الوجوب والقبح والحسن والندب فإنّها أحكام موجبة عن أحوال الفعل وأحكامها وهي أحكام أحوالها ، فصارت هذه الأحكام مع أحكام الفعل كالعلل مع المعلول ، فلا بدّ إذن من أن تضاف هذه الأفعال إلى الفاعل من وجه يكون له في ذلك تأثير ، وليس ذلك إلّا الحدوث (ن ، د ، ٣١٨ ، ٥)
ندم
ـ إنّ الندم على السبب يحلّ محلّ الندم عليه وعلى المسبّب إذا وقعا جميعا. فكما يكون هذا الندم توبة صحيحة منهما جميعا ، فكذلك الندم على الرمية بانفرادها ، إذا كان المعلوم أو المظنون أنّها توجب الإصابة لا محالة لقبحها ، وقبح ما يجب عنها يقوم في إسقاط العقاب المستحقّ بهما جميعا مقام الندم الأول ؛ وذلك صحيح في الندم. ألا ترى أنه يزيل العقاب إذا تعلّق بالقبيح على التفصيل وعلى الجملة ، وإن كان تعلّقه في الوجهين يختلف؟ فكذلك ما ذكرناه. وهذا ظاهر ، على ما بيّناه ، من أنّ الندم يرجع إلى الاعتقادات ، لأنّه بتصوّر الإنسان حال المضرّة في المسبّب إذا وقع سببه كتصوّره ذلك فيه إذا وقع بنفسه ، فيصحّ معنى الندم والغمّ والأسف فيهما جميعا (ق ، غ ١٢ ، ٤٧١ ، ١٣)
ـ إنّ الندم يصحّ أن يتعلّق على وجوه ، فهو مخالف في بابه للقدرة التي إنّما تتعلّق على وجه واحد ، والإرادة التي إنّما تتعلّق على طريقة واحدة ، وهو موافق الاعتقاد والعلم ، لأنّه من جنسهما ، أو مخالف لهما ، ولا يصحّ وجوده إلّا معهما ، فيجب أن يكون تعلّقه كتعلّقهما. وهذا مما يعرفه أحدنا من نفسه ، لأنّه يجد نفسه نادما على الفعل على جهاد ، والفعل لا يتغيّر ، لأنّه يجوز أن يندم عليه ، لأنّه ضرر ، ويجوز أن يندم عليه ، لقلّة انتفاعه به ، أو لما فيه من الذمّ ، أو من العاقبة الذميمة ، أو لأنّه قبيح ، أو لأنّه معصية لفلان ، أو طاعة لفلان ، إلى غير ذلك من الوجوه (ق ، غ ١٤ ، ٣٥٠ ، ٣)
ـ الندم لا يكون توبة ، من حيث كان ندما فقط ، لأنّه لا بدّ من أن يتعلّق بالفعل على وجه مخصوص ؛ فإذا صحّ ذلك ، فالذي يكون توبة من الندم ، هو أن يتعلّق بالقبيح لقبحه ، أو يقدّر هذا التقدير فيه ، لأنّه قد يكون ثابتا بالندم الذي لا متعلّق له ، بأن يظنّ أنّه فعل قبيحا ، فيندم على ما ظنّه ، ويكون ثابتا في الحقيقة ، ولذلك