يفعله ، فيوصف بأنّه ندب ، ومرغّب فيه. ومنها ما يستحقّ به الذمّ بأن لا يفعله ، فيوصف بأنّه واجب (ق ، غ ٦ / ١ ، ٧ ، ١٧)
ـ قد يكون في الأفعال ما يستحقّ بفعله المدح ولا يستحقّ بأن لا يفعله الذمّ ، ولا يحصل نفعا موصولا إلى الغير ، فيوصف بأنّه ندب ، كالنوافل وما شاكلها (ق ، غ ٦ / ١ ، ٣٧ ، ١١)
ـ اعلم أنّ الحسن يفارق القبيح فيما له يحسن ، لأنّ القبيح يقبح لوجوه معقولة ، متى ثبتت اقتضت قبحه. والحسن يحسن متى انتفت هذه الوجوه كلها عنه ، وحصل له حال زائدة على مجرّد الوجود يخرج بها من أن يكون في حكم المعدوم. ولذلك لا يصحّ عندنا أن نعلم الحسن حسنا إلّا مع العلم بانتفاء وجوه القبح عنه. ومتى ثبت كونه حسنا ، فإنّما يحصل ندبا لحال زائدة ، وواجبا لحال زائدة. ولا يصحّ أن يكون ما له قبح القبيح جنسه ولا وجوده أو حدوثه ، ولا وجود معنى نحو الإرادة وغيرها ولا انتفاء معنى (ق ، غ ٦ / ١ ، ٥٩ ، ٦)
ـ أمّا الندب والتفضّل فلا بدّ من أن يحصل لهما صفة زائدة على حسنه ، ويكون المقتضي لها وقوعه على وجه يجري مجرى الإثبات ، ككون الفعل تفضّلا ، والنوافل مسهّلة للواجبات (ق ، غ ٦ / ١ ، ٧٢ ، ١٧)
ـ أمّا الندب والواجب فقد تقرّر في العقل استحقاق المدح بهما ، ودلّ الدليل على استحقاق الثواب عليهما ، لأنّا قد بيّنا أنّ إلزام الشاقّ لا يحسن إلّا على جهة التعريض للمنفعة ، وكما تقرّر ذلك في العقل فقد ثبت أنّ القبيح يستحقّ به الذمّ والعقاب وأنّ الإخلال بالواجب كمثل ، وأنّه إذا لم يفعل القبيح على وجه مخصوص يستحقّ المدح والثواب (ق ، غ ١١ ، ٥٠٥ ، ١٧)
ـ أمّا صفة الفعل فقد بيّنا أنّه يجب أن يكون حسنا وله صفة زائدة على حسنه حتى يصير واجبا أو تفضّلا أو ندبا (ق ، غ ١١ ، ٥١١ ، ١١)
ـ أما الواجب والندب فقد يستحقّ بهما المدح والثواب ، ومتى كان الإحسان تفضّلا استحقّ به الشكر وضربا من التعظيم ، ومتى كانت النعمة مستقلّة بنفسها عظيمة ، استحقّ بها العبادة ، وقد يستحقّ بذلك إسقاط الذمّ والعقاب بواسطة ، على ما قدّمناه ، وقد يستحقّ بالإحسان إسقاط الذمّ المخصوص بواسطة ، وكذلك بالإساءة يستحقّ سقوط الشكر بواسطة. فأمّا الدعاء للمكلّف وعليه ، والتعظيم والاستحقاق واللعن وما شاكله ، ففيه ما يتعلّق بالشرع ، وجميعه يعود إلى مثل حكم المدح والذمّ (ق ، غ ١٤ ، ١٧٢ ، ١٥)
ـ الندب ، وهو : الذي يختصّ بصفة زائدة على ماله يحسن ، لكونه عليها يستحقّ فاعله المدح ، وبأن لا يفعله يستحقّ الذمّ (ق ، غ ١٧ ، ٢٤٧ ، ١١)
ـ أما الحسن ، فضربان : أحدهما إمّا أن لا يكون له صفة زائدة على حسنه تؤثّر في استحقاق المدح والثواب ، فيكون في معنى المباح ؛ وإمّا أن يكون له صفة زائدة على حسنه لها مدخل في استحقاق المدح. وهذا القسم إمّا أن لا يكون للإخلال به مدخل في استحقاق الذمّ ، وإمّا أن يكون له مدخل في استحقاق الذمّ. والأوّل في معنى الندب الذي ليس بواجب. وهو ضربان : أحدهما أن يكون نفعا موصلا إلى الغير على طريق الإحسان إليه ، فيوصف بأنّه فضل. والآخر لا يكون نفعا موصلا إلى الغير على طريق الإحسان ، بل يكون مقصورا على فاعله ؛