ـ سؤالهم في الملجأ ، إذا قالوا إنّ فعله يقع بحسب فعل الملجئ ، فإنّا نقول لهم : لا يقع بحسب قصده ، بل إنّما يقع بحسب قصده ، إلّا أنّه حصل تطابق بين القصدين والداعيين ، ولهذا لو تغيّر داعي الملجأ لم يقع منه ما ألجئ إليه (ن ، د ، ٣١٣ ، ٧)
ـ لو جاز أن يكلّف ما لا تتردّد فيه الدواعي ، لجاز أن يكلّف الملجأ (ن ، م ، ٢٩٣ ، ١٧)
ملجأ إلى ألا يفعل القبيح
ـ إنّ الملجأ إلى ألّا يفعل القبيح إنّما لا يفعله لوجه الإلجاء لا لقبحه ، وقد ثبت أن استحقاق المدح والثواب يتعلّق بالامتناع من القبيح متى كان ما له امتنع منه كونه قبيحا دون غيره. ولذلك لا يستحقّ أحد المدح لأنّه لم يشرب الخمر لأنّها تضرّه (و) متى لم يشربها لقبح شربه لها استحقّ المدح (ق ، غ ١١ ، ٤٩٣ ، ١)
ملجأ إلى الفعل
ـ إن الملجأ إلى الفعل ـ وإن كان نفس الفعل حادثا من جهته عندنا وكسبا له عندهم ـ لا يحسن ذمّه بل ينتقل الذمّ إلى الملجئ ، وقد كان يصحّ أن لا يختار هذا الفعل بأن تتغيّر حاله في الدواعي. فإذا لم يحسن ذمّه والحال هذه فبأن لا يحسن ذمّ العبد أصلا وإن كان مختارا أولى ، لأنّ الله قد خلق فيه ما لا سبيل له إلى الانصراف عنه من نفس الكفر وقدرته وإرادته الموجبتين له ، من حيث أنّ هذا الذي قد حصل فيه من جهة الله تعالى أقوى من الإلجاء. فإذا زال الذمّ عنه إلى من ألجأه فهلّا زال الذمّ عن العبد إليه تعالى (ق ، ت ١ ، ٣٩٠ ، ٦)
ملجأ بطريقة المنافع ودفع المضار
ـ أمّا الملجأ فعلى ضربين : أحدهما أن يكون ملجأ بطريقة المنع ، والثاني أن يكون ملجأ بطريقة المنافع ودفع المضارّ. فمن كان ملجأ بطريقة المنع فهو بأن يعلم أو يظنّ ظنّا غالبا أنّه إن حاول فعل قبيح أو انصراف عن واجب حيل بينه وبينه ، على مثل ما يعلم من حال من يحاول سلطانا وقد علم أنّ جنده محيطون به على وجه يدفعون عنه لأنّه والحال هذه يصير ملجأ إلى أن يهمّ بذلك. وعلى هذا أجرى شيوخنا رحمهمالله حال أهل الجنّة في كونهم ملجئين إلى أن لا يفعلوا القبيح. والطريقة الثانية في الإلجاء أن يعلم المرء أو يغلب في ظنّه انتفاعه على وجه يخلص أو دفعه للمضرّة عن نفسه على هذا الوجه مع شدّة الحاجة وزوال وجوه الشبه واللبس ، على نحو ما يعلم من حال الجائع الشديد الجوع وقد حضره طعام يشدّ به جوعه وليس عليه في ذلك شبهة ولا وجه من وجوه الصوارف. وعلى نحو هذا تكون أحوال أهل الجنّة في تصرّفاتهم التي ينتفعون بها. وكما ثبتت هذه الطريقة في تحصيل المنافع فكذلك في دفع المضارّ ، على ما نعلمه من حال الهارب من السبع الذي يعلم أو يظنّ افتراسه (ق ، ت ٢ ، ٣٢٠ ، ١٢)
ملجأ بطريقة المنع
ـ أمّا الملجأ فعلى ضربين : أحدهما أن يكون ملجأ بطريقة المنع ، والثاني أن يكون ملجأ بطريقة المنافع ودفع المضارّ. فمن كان ملجأ بطريقة المنع فهو بأن يعلم أو يظنّ ظنّا غالبا أنّه إن حاول فعل قبيح أو انصراف عن واجب حيل بينه وبينه ، على مثل ما يعلم من حال من يحاول