سلطانا وقد علم أنّ جنده محيطون به على وجه يدفعون عنه لأنّه والحال هذه يصير ملجأ إلى أن يهمّ بذلك. وعلى هذا أجرى شيوخنا رحمهمالله حال أهل الجنّة في كونهم ملجئين إلى أن لا يفعلوا القبيح. والطريقة الثانية في الإلجاء أن يعلم المرء أو يغلب في ظنّه انتفاعه على وجه يخلص أو دفعه للمضرّة عن نفسه على هذا الوجه مع شدّة الحاجة وزوال وجوه الشبه واللبس ، على نحو ما يعلم من حال الجائع الشديد الجوع وقد حضره طعام يشدّ به جوعه وليس عليه في ذلك شبهة ولا وجه من وجوه الصوارف. وعلى نحو هذا تكون أحوال أهل الجنّة في تصرّفاتهم التي ينتفعون بها. وكما ثبتت هذه الطريقة في تحصيل المنافع فكذلك في دفع المضارّ ، على ما نعلمه من حال الهارب من السبع الذي يعلم أو يظنّ افتراسه (ق ، ت ٢ ، ٣٢٠ ، ١١)
ملحد
ـ ألحد فلان في قوله وألحد في دينه ، ومنه الملحد لأنّه أمال مذهبه عن الأديان كلها لم يمله عن دين إلى دين (ز ، ك ٢ ، ٤٢٩ ، ١٤)
ملك
ـ إنّما الملك هو الأمر والنهي ، لا المال والسعة والجدة ، كما قال ، عزوجل ، عند ما قالوا : (أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِنَ الْمالِ قالَ إِنَّ اللهَ اصْطَفاهُ عَلَيْكُمْ وَزادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ وَاللهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشاءُ) (البقرة : ٢٤٧) ، فقد بيّن ، عزوجل ، في هذه الآية ، أنّ الملك هو الأمر والنهي ، لا سعة المال (ي ، ر ، ٧٨ ، ١)
ـ قد بيّنا من قبل أنّ الملك هو القدرة ، وأنّ المالك هو القادر ، فكلّ من قدر على شيء ولم يكن لأحد منعه منه على الوجه الذي يقتضي قدرته التعرّف فيه وصف بهذه الصفة. ولذلك وصف تعالى بأنّه مالك لم يزل ، ووصف نفسه بأنّه مالك يوم الدين ؛ وبيّنّا أن وصفهم لسيّد العبد بأنّه مالكه قد حذف منه ذكر التصرّف ؛ لأنّ ملك العتق لا يعقل له معنى إذا لم يصرف ذلك إلى التصرّف المخصوص (ق ، غ ١١ ، ٢٨ ، ١١)
ـ حقيقة الملك ، وأنّه ليس المعتبر فيه بالتمكّن واحتواء اليد عليه فقط. فإذا ثبت ذلك ، فالواجب على التائب أن ينظر فيما حازه ، فإن كان مما يحلّ له أن يمسكه ويتصرّف فيه ، صحّت توبته ، وإن كان مما يجب فيه إزالة أو تلاف ، فالواجب أن يفعله ، ولذلك ذكرناه في هذا الباب في جملة التوبة ، لشدّة تعلّقه بها. واعلم أنّ سبب الملك قد يكون معلوما بالعقل والسمع ، لأنّ الدليل قد دلّ في الميراث والغنائم وما شاكله ، أنّهما سبب الملك ، كما دلّ الدليل في التكسّب وتناول المباحات وحيازتها ، أنّه سبب الملك. فإذن يجب النظر في الوجهين ، فما ثبتت اليد عليه بأحد السببين ، صار ملكا ، وما خرج عن ذلك خرج عن الملك. وهذه العقود التي نملك بها ، لا بدّ من اعتبار شرائط فيها ، وفي بعضها وفاق ، وفي بعضها خلاف ، فلا بدّ من النظر في ذلك ، كما لا بدّ من النظر في أحوال من تملّك من جهته ، وفيما يلزم أن يفعله المرء بملكه ، من تقديم حق على حق ، فلا بدّ من اعتبار ذلك فيما تحتوي يده عليه ، كما لا بدّ من اعتبار الظاهر فيما يتناول من جهة الغير (ق ، غ ١٤ ، ٤٥١ ، ٣)