مكلّف بالتقديم والفعل
ـ ما لا يتمّ الواجب المطلق إلّا به وكان مقدورا للمكلّف كان واجبا عليه ، فإنّ الذي كلّفه الإتيان به كلّفه كيف ما كان ، وهو قادر عليه ، من جهة تقديم ما لا يتمّ ذلك الفعل إلّا به ، فهو مكلّف بالتقديم أوّلا ، ثمّ بذلك الفعل ثانيا (ط ، م ، ٥٧ ، ١٠)
مكلّف قبل ورود السمع
ـ المكلّف قبل ورود السمع (عند العلّاف) : إنّه يجب عليه أن يعرف الله تعالى بالدليل من غير خاطر ، وإن قصّر في المعرفة استوجب العقوبة أبدا. ويعلم أيضا حسن الحسن وقبح القبيح ، فيجب عليه الإقدام على الحسن كالصدق والعدل ، والإعراض عن القبيح كالكذب والجور. وقال أيضا بطاعات لا يراد بها الله تعالى ، ولا يقصد بها التقرّب إليه ؛ كالقصد إلى النظر الأول ، والنظر الأوّل فإنّه لم يعرف الله بعد ، والفعل عباده. وقال في المكره : إذا لم يعرف التعريض والتورية فيما أكره عليه فله أن يكذب ، ويكون وزره موضوعا عنه (ش ، م ١ ، ٥٢ ، ١١)
مكلّف متصوّر
ـ وبعد ، فإنّ التصوّر اعتقاد مخصوص ، فإذا صحّ أن يفعل ذلك وإن لم يتقدّم منه تصوّر آخر ؛ فهلا صحّ أن يبتدئ بالمعرفة من دون أن يتقدّم منه التصوّر؟ وهذا واضح البطلان. على أنّ العاقل لا يلزمه النظر إلّا وقد تصوّر الاعتقادات كيف تكون ، ومفارقتها في الجملة لسائر أفعال القلوب وأفعال الجوارح. وإنّما يجب فيمن لزمه الشيء أن يتصوّر ما لزمه ، ويفصل بينه وبين غيره. فأمّا تصوّر سائر ما يتعلّق به ، فغير واجب ذلك فيه. وهذا الذي ذكرناه الآن ، مما يمكن أن يقوّي به أصل الكلام في تكليف المعارف. وذلك أنّ سائر ما يكلّف العبد ، لا يجب أن يعرفه بعينه ، ويفصل بين أجناسه وأحواله الراجعة إلى آحاده. وإنّما ينتفي أن يعرفه بصفة يميّزه بها عن غيره ، لأنّ العلم بحقائق ما يلزمه من الصلاة والصيام والإرادات والكراهات مما يختصّ به أهل الكلام دون غيرهم فلا يجوز أن يتعلّق تكليف العقلاء بذلك ، وإنّما يجب أن يعرفوا حمل هذه الأمور ومفارقتها بالصفات لغيرها ، لأنّ عند ذلك يتمكّنون من أداء ما لزمهم على الحدّ الذي وجب. فكذلك القول فيمن تلزمه المعرفة أنّه يجب في الجملة أن يكون قد عرف المعارف وفصل بينها وبين خلافها من الاعتقادات التي لا تسكن نفسه إليها ولا تفارق حاله بها لحال الظانّ والمبخّت الشاكّ. فإذا علم ذلك في الجملة ، وعلم أنّ كل اعتقاد يقع على طريقة المعرفة فمن حقّه أن يكون حسنا ، وعلم أنّ ما يقع من خلافه كالجهل فمن حقّه أن يكون قبيحا ؛ فإذا لزمه النظر وعلم في الجملة أنّ النظر إنّما يلزم ليوصل به إلى الكشف لا لنفسه ، وعلم أنّه لا يؤدّي إلّا إلى المعرفة أو إلى ما يجري مجراها ؛ فقد حصل هذا المكلّف متصوّرا ، للفرق بين ما يلزمه وبين ما يقبح فعله منه على الجملة (ق ، غ ١٢ ، ٢٤٨ ، ٥)
مكلّم
ـ إنّ معمّرا كان يزعم أنّ الله هو المكلّم بالقرآن وأنّ القرآن قول الله وكلامه ووحيه وتنزيله لا مكلّم له سواه ولا قائل له غيره ، وأنّ القرآن محدث لم يكن ثم كان (خ ، ن ، ٤٨ ، ٤)