يأمن فيه ذلك ، لم يقبح الجهل أيضا. فإذا صحّ ذلك بما ذكرناه وبما قدّمناه من قبل في هذا الكتاب ، فيجب أن لا يحسن من المكلّف أن يعتقد في الله ، تعالى ، وفي سائر ما يلزم من التوحيد والعدل ما هو عليه أو خلافه ، إلّا بأن ينظر في الأدلّة ، على ما قدّمناه ، وإلّا لم يأمن كونه جهلا. وهذا قبيح لا يجوز من الحكيم أن يكلّفه العبد ، كما لا يحسن أن يكلّفه الخبر الذي لا يأمن كونه كذبا (ق ، غ ١٢ ، ٥٢٧ ، ٧)
ـ في وصف معنى اللطف بأنّه إزاحة لعلّة المكلّف : اعلم أنّ شيوخنا ، رحمهمالله ، يستعملون ذلك كثيرا في الألطاف على حدّ استعمالهم له في التمكين ، والوجه في ذلك أنّ المكلّف لمّا احتاج مع التكليف إلى القيام بما كلّف ليفوز بما عرض له ، وإلى التحرّر من ترك ما كلّف ليتخلّص ويسلم من العقاب ، واشتدّت حاجته إلى ذلك ، وعلم أن وصوله إلى هذين الغرضين لا يتمّ مع شدّة الحاجة إلّا بأنواع التمكين ، قيل في المكلّف : إنّه لا بدّ من أن يزيح علّته فيها لكي يمكنه الوصول إلى هذا الغرض ، وكذلك إذا كان لا يختار ما يكلّف من الواجب والامتناع من القبيح ، ولا تقوى دواعيه إليه إلّا عند أمر يفعله تعالى أو بتنبيه له ، فالواجب أن يقال : إنّه تعالى يزيح علّته فيه ؛ لأنّ إزاحة العلّة إنّما استعمل في الوجه الأوّل للحاجة إلى ذلك ، والحاجة إلى الألطاف على ما بيّناه كالحاجة إلى التمكين ، فالواجب أن يقال ذلك فيها (ق ، غ ١٣ ، ١٩ ، ٧)
ـ إنّ المكلّف لا يجوز أن يوجب الفعل إلّا وله وجه وجوب (ق ، غ ١٣ ، ٤٨ ، ٨)
ـ إنّ الواجب على المكلّف تعالى إزاحة علّة المكلّف بفعل اللطف وبإزالة المفسد (ق ، غ ١٣ ، ٤٩ ، ١٠)
ـ قال (أبو هاشم) في المكلّف : إذا كان في المعلوم أنّه يؤمن إذا خلق له ولد ، لكن غيره يكفر ، أنّه مع تكليف ذلك الغير لا يحسن أن يكلّف هذا العبد ، من حيث لا يصحّ أن يفعل به ما يكون لطفا له. ففرّق بين الأمرين في هذا الباب. فأما شيخنا أبو عبد الله ، رحمهالله ، فقد كان يقول في كل ذلك : إنّه لا يكلّف لأنّ له لطفا لا يحسن أن يفعل ، ولا يجريه مجرى من لا لطف له (ق ، غ ١٣ ، ٦٧ ، ٦)
ـ إنّه قد صحّ في المكلّف ، إذا كان لطفه فسادا لغيره ، أنّه لا يحسن أن يكلّف ولا يكون بمنزلة من لا لطف له. وصحّ أيضا ، فيمن المعلوم أنّه لا لطف له ، أنّه يحسن أن يكلّف. فيجب أن يحل كل واحد من هذين الأصلين ما تقتضيه الدلالة. وقد علمنا أنّ المكلّف إذا علم من حاله أنّه يؤمن عند أمر يصحّ دخوله تحت الوجود والحدوث ـ ولولاه كان لا يؤمن ـ فمتى لم يحدث ذلك من قبل المكلّف يكون قد أتى من قبله لا من قبل نفسه. فكل ما هذا حاله في ألطافه فيجب أن لا يحسن أن يكلّف (ق ، غ ١٣ ، ٦٨ ، ٤)
ـ لا بدّ في المكلّف من أن يتردّد بين الشهوة والنفار ، ولو لا ذلك لما صحّت حاله إلى الأكل والشرب وغير ذلك (ق ، غ ١٣ ، ٤٢٢ ، ٤)
ـ في أنّه يجب على المكلّف تعريف المكلّف أحوال هذه الأفعال. إنّما قلنا بوجوب ذلك ؛ لأنّه تعالى ، لو لم يعرّفه ذلك والمعلوم من حالها ما وصفنا لم يكن مزيحا لعلّته فيما كلّفه ، ولحلّ محلّ ألّا يمكّنه ، وألّا يخلّي بينه وبين الفعل. وقد بيّنّا ، في" باب اللطف" ، وجوب ذلك ؛ فلا وجه لإعادته. وبيّنّا ، فيما تقدّم ، أنّه