قادرا إلّا وهو حيّ. ولا يصحّ أن ينفصل حال الحيّ من غيره إلّا بكونه مدركا للمدركات عند ارتفاع الموانع ، وبصحّة كونه عالما قادرا. ولا معتبر في هذا الباب بوصفه بأنّه إنسان ؛ لأنّ الملائكة مكلّفة وإن لم توصف بذلك (ق ، غ ١١ ، ٣٠٩ ، ١٣)
ـ إنّ تكليف ما لا يطاق يقبح ، وأنّ القدرة يجب أن تكون متقدّمة للفعل. فإذا صحّ ذلك وجب كون المكلّف قادرا قبل الوقت الذي كلّف الفعل فيه ليصحّ منه إيجاد الفعل على الوجه الذي قد كلّف (ق ، غ ١١ ، ٣٦٧ ، ١٩)
ـ في أنّ المكلّف يجب أن يكون ممكّنا بالآلات من فعل ما كلّف. قد بيّنا من قبل أنّ الأفعال ما يحتاج أحدنا في إيجاده على بعض الوجوه إلى آلة ، وبيّنا اختلافها ، واختلاف الوجوه التي يحتاج إليها فيها. وإذا صحّ ذلك فكما لا يحسن أن يكلّف الفعل إلّا وهو قادر عليه ليصحّ منه إيجاده ، فكذلك لا يحسن أن يكلّف إلّا وقد أعطي الآلات أو مكّن منها قبل حال الفعل. وإنّما يحتاج إلى آلة من الفعل يتعذّر إيجاده لولاها ؛ كما يتعذّر إيجاد الفعل لو لا القدرة السابقة. فكما لا يحسن التكليف ولا قدرة فكذلك لا يحسن تكليف ما ذكرناه ولا آلة (ق ، غ ١١ ، ٣٧٠ ، ١٤)
ـ اعلم أنّ المكلّف كما يحتاج أن يكون ممكّنا من إحداث الفعل بالقدرة والآلات ليصحّ منه إذا ما كلّف ، فكذلك يحتاج إلى أن يكون عالما بما كلّف وبصفاته ، والفصل بينه وبين غيره ؛ ليصحّ أن يقصد إلى إحداثه ، وليصحّ أن يعلم أنه قد أدّى ما كلّف. وإن كان العلم بذلك الشيء مما لا يكون إلّا ضروريّا فلا بدّ من أن يخلقه ـ تعالى ـ فيه. وإن صحّ كونه مكتسبا حسن من القديم ـ تعالى ـ أن يمكّنه منه ليصحّ أن يعلم ويؤدّي ما علمه ، على الوجه الذي كلّف. ولذلك قلنا : إنّ المكلّف يجب كونه عالما بما كلّف ، أو ممكّنا من معرفته إذا كان ما كلّفه ممّا يصحّ أن يؤدّيه على الوجه الذي كلّف. وإن لم يعلمه بعينه بأن يعلم سببه ، فيكون علمه بسببه كالعلم به في أنه يحسن أن يكلّف معه (ق ، غ ١١ ، ٣٧١ ، ١٨)
ـ قد بيّنا في باب الصفات أنّ الفعل المحكم لا يصحّ إلّا ممّن هو عالم به قبل إيجاده وفي حال إيجاده. وما أوردناه هناك يدلّ على ما ذكرناه الآن. هذا إذا كان العلم مما لا يصحّ أن يكتسبه المكلّف ، وأمّا إذا صحّ أن يكتسبه فيجب أن يكون متمكّنا من العلم بالفعل في هذه الأحوال حتى يصحّ أن يكلّف. وعلى هذا الوجه جعلنا البرهميّ مكلّفا القيام بالشرائع لمّا كان ممكّنا من معرفة النبوّة ومعرفة صحّة الشرائع بعدها (ق ، غ ١١ ، ٣٧٥ ، ٧)
ـ أمّا العقل فإنّ المكلّف يحتاج إليه ؛ لأنّ به يعلم الكثير مما كلّف ؛ نحو وجوب ردّ الوديعة وشكر المنعم وقبح الظلم وحسن الإحسان ، ويتوصّل به إلى العلم بسائر ما كلّفه عقلا وسمعا ممّا طريقه الاستدلال ؛ لأنّه لا يصحّ منه أن ينظر في الأدلّة إلّا وهو كامل العقل وعالم بالأدلّة على الوجه الذي تدلّ. ويحتاج إليه في أداء الأفعال أجمع ؛ لأنّه متى لم يكن عاقلا لم يصحّ أن يؤدّيها على الوجه الذي يستحقّ بها الثواب والعقاب (ق ، غ ١١ ، ٣٧٥ ، ٩)
ـ إنّ المكلّف يجب أن يكون مشتهيا ونافر الطبع ليحسن أن يكلّف (ق ، غ ١١ ، ٣٨٧ ، ٩)
ـ إنّ المكلّف يجب أن يكون متمكّنا من سبب ما كلّفه ؛ لأنّه لا يجوز أن يكلّف المسبّب ولا