الكتابة وحقيقة الحفظ. والأصل إنّ للكتابة إمارة ودلالة على هذه الحروف التي ننطق بها. يبيّن هذا أنّ من عرف المواضعة فيها أمكنه أن يستدلّ بها على هذه الحروف ، ومن لم يعرف المواضعة فيها لا يمكنه ذلك ، ولو كان هناك كلام لم يقف على العلم بمواضعة ثانية ، بل كانت المواضعة الأولى على الحروف كافية. ومعلوم أنّ عند العلم بما ذكرناه من المواضعة على أشكال الحروف تمكن القراءة سواء قدّرنا أنّ هناك كلاما أو لم يكن ، فلا وجه لإثبات الكلام في المكتوب مع أنّ الحال ما ذكرناه. وليس من الواجب من حيث أمكنت معرفة مراد المتكلّم بالكتابة أن تثبت في كتابته كلاما. فإنّ ذلك يوجب أن يكون مع الإشارة ومع عقد الأصابع على ما يتعاطاه الطريقيون كلام من حيث تفهم البعض عن البعض بذلك غرضه ومراده. وربّما وقعت هذه المواضعة على المشي والخطى ولم يوجب ثبوت كلام معهما. فلا وجه لما ذهب إليه" أبو علي". وبمثل هذه الجملة يعرف أنّه لا كلام مع الحفظ ، لأنّ معناه العلم بكيفيّة إيراد الكلام على ضرب من النظام مع سلامة الآلة. فإذا حصل كذلك أمكنه أن يقرأ سواء تصوّرنا هناك كلاما أو لم يكن (ق ، ت ١ ، ٣٤٢ ، ١٩)
مكروه
ـ أما الشافعي ، فإنّه يصف الشيء بأنّه مكروه إذا كان طريق قبحه مقطوعا به (ب ، م ، ٣٦٤ ، ٢١)
ـ المكروه : ما يثاب تاركه ، ولا يعاقب فاعله (ب ، ف ، ٣٤٧ ، ٧)
مكلّف
ـ العلوم كثيرة منها اضطرار ، وأنّه قد يمكن أن يدركه الإنسان قبل تكامل العقل فيه بامتحان الأشياء واختبارها والنظر فيها وفي بعض ما هو داخل في جملة العقل ، كنحو تفكّر الإنسان إذا شاهد الفيل أنّه لا يدخل في خرق إبرة بحضرته ، فنظر في ذلك وفكّر فيه حتى علم أنه يستحيل دخوله في خرق إبرة وإن لم يكن بحضرته ، فإذا تكاملت هذه العلوم في الإنسان كان بالغا ، ومن لم يمتحن الأشياء فجائز أن يكمّل الله سبحانه له العقل ويخلقه فيه ضرورة ، فيكون بالغا كامل العقل مأمورا مكلّفا (ش ، ق ، ٤٨١ ، ٥)
ـ أنّ الواجب على المكلّف. ١ ـ أن يعرف بدء الأوائل والمقدّمات التي لا يتم له النظر في معرفة الله عزوجل وحقيقة توحيده ، وما هو عليه من صفاته التي بان بها عن خلقه ، وما لأجل حصوله عليها استحق أن يعبد بالطاعة دون عباده. فأول ذلك القول في العلم وأحكامه ومراتبه ، وأنّ حدّه : أنّه معرفة المعلوم على ما هو به ، فكل علم معرفة وكل معرفة علم (ب ، ن ، ١٣ ، ١٥)
ـ إنّ المكلّف لا بدّ من كونه ممكّنا بالآلات التي قد يحتاج إليها في بعض الأفعال ، وهو ما ذكرنا من قبل أنّ من تمام كونه قادرا أن يتمكّن من الآلة التي يحتاج إليها في الفعل. فيعدّ ذلك في إزاحة العلّة. وتمكينه منها قد يكون بأن تخلق له إذا لم يجد سبيلا إلى تحصيلها أصلا نحو اللسان واليد وما أشبههما. وقد يكون ممكّنا منها بأن يقدر على تحصيلها لنفسه. لكن ذلك إنّما يجوز أن يدخل تحت تكليفه إذا كان له في تكليف ذلك ضرب من الصلاح (ق ،