يكون خالقه ومبدعه ، من حيث إنّه يستحيل انفراد العبد بخلق ما هو مقدور الله ـ تعالى ـ (م ، غ ، ٢١٤ ، ١٩)
ـ مقدور بين قادرين محال ، خلافا للنجّارية والكلابية وبعض المعتزلة. لنا : لو صحّ لصحّ أن يريده أحدهما ويكرهه الآخر ، فيكون موجودا معدوما ، وهو محال (م ، ق ، ٩٥ ، ٧)
ـ مقدور بين قادرين متّفقين ممكن وفاقا لأبي الحسين البصريّ وخلافا لبعض متأخّري الزيديّة وجمهور المعتزلة. قلنا : تحريك الجماعة نحو الخشبة حركة واحدة وكسرهم نحو العود كسرا واحدا لا ينكره عاقل. قالوا : لو أمكن لصحّ من المختلفين فيكون موجودا معدوما دفعة ، وهو محال. قلنا : لا يلزم اطراده لتضادّ العلمين ، لأنّ العلّة في صحّة المقدور بين المتّفقين الاتّفاق ، وتعذّره بين المختلفين الاختلاف ، فيجب الامتناع مع الاختلاف كالفاعل الواحد إذ إيجاده له وإعدامه منه دفعة محال ، ولم يمنع ذلك من فعله أحدهما والفرق تحكم ، ويستحيل إيجاد النقيضين والضدّين في محل واحد دفعة ، خلافا لبعض المجبرة (ق ، س ، ١٠٨ ، ٢)
مقدور العباد مما لا يدخله تضاد
ـ أنّا قد بيّنّا من قبل حصر الأجناس التي تدخل تحت مقدور العباد. وهذه الأجناس على ضربين ، أحدهما لا يدخله الاختلاف بل كلّه متماثل نحو التأليف والألم ، والثاني يختلف. ثمّ هذا المختلف على ضربين ، أحدهما يختلف فقط ولا يكون له حكم زائد على الاختلاف ، والثاني يدخله التضادّ مع الاختلاف. فالذي يقطع على اختلافه من مقدور العباد مما لا يدخله التضادّ هو الاعتماد ، فإنّه يشتمل على متماثل ومختلف ومختلفه لا يتضادّ. وكذلك الإرادة والكراهة لا يقع في كل واحد من نوعيهما تضادّ. وكذلك النظر من أفعال القلوب يلحق بما ذكرناه. فأمّا الأصوات فالصحيح أن لا يقطع على ثبوت التضادّ فيها ولا على نفي التضادّ فيها بل يتوقّف فلا تدخل في هذا الفصل ولا فيما بعده. فأمّا ما يدخله التضادّ من مقدور العباد فنوع الأكوان فإنّه يقع فيها المختلف ومختلفه يتضادّ. والاعتقادات يدخلها التضادّ وإن لم يكن كل مختلف منها متضادا. وإنّما يثبت التضادّ هناك وفي الظّنون أيضا بطريقة النفي والإثبات (ق ، ت ٢ ، ٩٥ ، ٨)
مقدور الغير
ـ اعلم أنّ الموجب لاستحالة كون مقدور غيره مقدورا له ، ليس هو أنّه مقدور لغيره ، لأنّه لو لم يوجد الله تعالى أحدا من القادرين ، لكان ما من حقّه أن يكون مقدورا لهم ، لو وجدوا وقدروا ، يستحيل كونه مقدورا له. وإنّما يستحيل كونه قادرا عليه ، لأنّه يستحيل منه إيجاده. ولا فصل بين أن يقدر غيره عليه ، وبين أن لا يقدر. وإنّما ننبّه بكون غيره قادرا عليه على الغرض والمراد ، ونذكره لأنّ فيه تنبيها على ما له لا يكون مقدورا له (ق ، غ ٦ / ٢ ، ١٢٢ ، ٩)
ـ إنّ الذي لم يرده مما يصحّ أن يريده ، لا مما أراده ، فلم يحصل له فيه وجه يحيل كونه مريدا له على كل وجه. وإنّما صحّ لنا ما ذكرناه في مقدور الغير ، من حيث ثبت أنّه يستحيل كونه مقدورا له ، لا من حيث كان قادرا على ما يقدر عليه ، بل لأمر يخصّه. وذلك يوضح الفرق بين الأمرين (ق ، غ ٦ / ٢ ، ١٢٣ ، ٨)