وصفه بذلك مجرّد وجود القدرة دون أن ينضمّ إليه ما ذكرناه ، ولهذا لا يوصف المقيّد بأنّه مخلّى مع أنّ القدرة فيه ثابتة عندنا على وجه لو زال القيد لصحّ منه المشي. فكيف ساغ للقوم أن يصفوا الكافر الذي لا قدرة فيه أصلا بوصف ينبئ عن ثبات القدرة وعن أمر زائد عليها؟ ولئن جاز وصف من هذا حاله بالإطلاق والتخلية فيجب أن يجوز وصف العاجز بمثله. وكما لا يصحّ هذا الوصف الذي وصف الكافر به فكذلك لا يصحّ وصف العاجز بأنّه ممنوع ، لأنّ الممنوع أيضا هو القادر الذي لو لا المنع لكان يصحّ منه الفعل وحالته تلك. والذي يبيّن ذلك أنّ الميت لا يوصف بالمنع ولا الزمن أيضا وإنّما يقال ذلك في المقيّد أو فيمن منعه من هو أقدر منه. فكيف صحّ العاجز مع عدم القدرة عنه أن يكون ممنوعا؟ ويبيّن ذلك أنّ المنع هو الذي لوجوده يمتنع الفعل الممنوع منه ، وهذا يرجع فيه إلى ضدّ لذلك الفعل دون أن يكون مغيّرا لحال القادر (ق ، ت ٢ ، ٦١ ، ١٢)
مطلوب
ـ إنّ المطلوب ليس هو أحد الوجهين المتغايرين ، بل هو الشيء الذي له وجهان. وذلك الشيء ليس بمشعور به مطلقا ، وليس غير مشعور به مطلقا ، بل هو قسم ثالث (ط ، م ، ٧ ، ٦)
مطيع
ـ إنّ المطيع هو من فعل ما أراده المطاع (ق ، ش ، ٤٥٧ ، ١٧)
ـ إنّ المطيع إنّما يكون مطيعا بالفعل ، متى فعله ؛ والمطاع مريد له منه ، سواء علم المطاع أو لم يعلمه ، وعلم إرادته أو لم يعلم. وعلى هذا الوجه ، يوصف العاصي بأنّه مطيع للشيطان ، وإن لم يكن في حال معصيته يعلم أنّ الشيطان مريد ذلك منه ، بل ربما يخطر بباله في تلك الحال أمر الشيطان البتّة. وربما مدح الرجل عبده بأنّه يفعل ما يريد منه ، وإن لم يعلم ذلك ، ويولّد بذلك مدحه. وإذا ثبت ذلك ، صحّ كونه مطيعا بهما ، وإن لم يعرف الله تعالى (ق ، غ ١٢ ، ٢٧٧ ، ٢١)
مع
ـ إنّ التقدّم والتأخّر والمع يطلق على الشيئين إذا كانا متناسبين نوعا من المناسبة ، ولا نسبة بين الباري تعالى وبين العالم إلّا بوجه الفعل والفاعلية ، والفاعل على كل حال متقدّم والمفعول متأخّر (ش ، ن ، ٢٢ ، ١٤)
معاد
ـ في ذكر ما له يكون المعاد معادا اختلف المتكلّمون في ذلك. فمنهم من قال : إنّه يكون معادا لعلّة لولاها لم يكن كذلك ؛ كما أنّ المتحرّك إنّما يتحرّك لعلّة ؛ لأنّه كما يجوز بدلا من كونه متحرّكا أن يكون ساكنا ، فكذلك يصحّ بدلا من كونه معادا أن يكون غير معاد ، فيجب أن يختصّ بكونه معادا لعلّة. قالوا : وقد يجوز أن يكون الشيء حادثا معادا وحادثا غير معاد. فإذا اشتركا في الحدوث واستبدّ أحدهما بحكم زائد فيجب أن يكون ذلك لعلّة ، كما أن المتحرّك والساكن لمّا اجتمعا في الوجود (و) استبدّ كل واحد منهما بحكم زائد ، وجب أن يكون ذلك لعلّة. والصحيح عند شيوخنا ـ