وإنّما يوهي بعضوه عضوا له آخر (ق ، غ ٩ ، ١١٣ ، ٧)
ـ قد ثبت أنّ ما حلّ في غير محلّ القدرة عليه لا يكون إلّا متولّدا لاستحالة حصول هذه الصفة للمباشر ، وصحّ أنّ ما حلّ محلّ القدرة عليه قد يكون متولّدا كالعلم والحركة ، وقد يكون مباشرا ، وبأن يجعله متولّدا من حيث اختصّ بحكم يحصل إلّا للمتولّد أولى بأن يجعله مباشرا لاختصاصه بحكم قد يحصل للمتولّد كما يحصل للمباشر (ق ، غ ٩ ، ١٢٩ ، ٨)
ـ إنّما نقول في المتولّد إنّه قد يحلّ محلّ القدرة عليه لا أنّ ذلك يجب فيه ، وإنّما يحلّ العلم المتولّد عن النظر في محلّ القدرة عليه لأنّ سببه لا جهة له فلا يجوز أن يولّد إلّا في محلّه ، ومن حق العلم أن لا يوجد إلّا في محل واحد ، وما يولّده فينا الحجر عند تراجعه ومصادمته مكانا صلبا في محل القدرة فإنّما يولّده فيه من حيث حصل ذلك المحل مماسا لمحلّ القدرة ثانيا كما كان محلّ القدرة مماسا له أولا ومعتمدا عليه ، فما أوجب كون الاعتماد الأول مولّدا فيه يوجب كون اعتماده مولّدا في محل قدرتنا. وليس كذلك حال التأليف لأنّه لم يحصل له من حيث وجد في محلّ القدرة حال توجب كونه متولّدا ، وحلوله في غير محلّ القدرة على ما بيّناه لا يمنع من كونه مباشرا لما قدّمناه ، فكيف يقال فيه أنه من حيث وجد في غير محلّ القدرة يجب أن يكون متولّدا؟ فأما ما سوى هذين الضربين فيجب ألا يكون من فعلنا إلّا مباشرا ، ولذلك يصحّ منّا أن نبتدئ فنفعل الإرادة والكراهة والاعتقاد من غير أن نفعل قبلها أو معها غيرها ، والمتولّد يستحيل ذلك فيه لوجوب تعلّقه بالسبب ، فيجب في كل فعل يصحّ فيه ما ذكرناه أن يكون مباشرا. والذي يلتبس الحال فيه هو كل فعل لا يوجد إلّا مع غيره في حاله أو متقدّم له مثل التأليف الذي يقال إنّه يولّد التأليف والاعتماد إنّه يولّد مثله وإن كان محلّه ساكنا (ق ، غ ٩ ، ١٣٠ ، ١٢)
ـ أمّا المتولّد فلا يجوز وجوده ولمّا حصل المولّد ، وقد يجوز وجود المولّد ولا يحصل المتولّد إذا كان هناك منع أو كان المحلّ غير محتمل له ، ولا يكون في ذلك نقض كونه مولّدا ، لأنّ المولّد لا يوجب لذاته وجود المتولّد إيجاب العلل للمعلول ، لأنّ ذلك يوجب إخراج بعض المحدثات من أن يكون متعلّقا بالمحدث ، ولأنّ من حق الموجب أن لا يوجب ما انفصل عنه من حدوث وغيره ، وإنّما يوجب لغيره حكما وحالا كما يقتضي ذلك في نفسه متى وجد ، فإذا بطل كون السبب موجبا إيجاب العلّة للمعلول لم يبق إلّا أنّه يتوصّل به إلى إيجاد المسبّب ويكون حدوثه راجعا إلى القادر لكنّه يفعله بواسطة ، فلو قلنا إنّه يبتدئه بعد وجود السبب لكان في ذلك نقض لكونه سببا (ق ، غ ٩ ، ١٣٥ ، ١٦)
ـ حدّ (أبو هاشم) المباشر بأنّه ما وجد من غير مقدّمة ، وحدّ المتولّد بأنّه كل فعل تقدّمه أو حدث معه سبب لولاه لم يوجد (ق ، غ ٩ ، ١٣٨ ، ٢٢)
ـ إنّا قد بيّنا أنّ للمتولّد من الأفعال من الحكم ما ليس للمباشر أو ما هو في حكمه ، لأنّه لا يقع باختيار فاعله وإنّما يجب وجوده من حيث وجد سببه ، فيجب أن يعتبر فيه بالسبب. فإذا علم الإنسان حسن النظر ووجوبه ، علم في الجملة أنّه لا يوجب القبيح ولا يولّده ، فيحسن منه فعله وفعل ما تولّد عنه ، ويصير هذا العلم