ذلك الفعل يتولّد عنه أو ظانّا له (ق ، غ ٩ ، ٦٧ ، ٥)
ـ المتولّد ... على ضربين : أحدهما لا ضدّ له أصلا ، فبأن لا يكون له ترك أولى ، وهذا كالتأليف والألم ، ولا يصحّ أن يكون ضدّ سببهما ضدّا لهما لأنّه يؤدّي إلى كونه ضدّا لشيئين مختلفين غير متضادّين ، وهما التأليف والمجاورة ، وهذا فاسد. والثاني له ضدّ وليس لسببه ضدّ ، وهو ما يتولّد عن النظر والاعتماد لأنّه لا ضدّ لهما ، وإن كان المتولّد عنهما له ضدّ كالعلم والأكوان والأصوات ، فلا يصحّ أن يقال إنّ ضدّ سببهما ضد لهما إذا لم يكن للسبب ضدّ أصلا. ولا يمكن أن يقال في ضدّ الكون المتولّد عن الاعتماد أنّه ترك له ، لأنّه لا يصحّ من القادر أن يوجده بدلا منه ، وقد وجد سببه لأنّ مسبّب السبب بالوجود أولى ، ولأنّ ضدّه إذا وجب كونه حالّا في محلّه لم يصحّ أن يفعله إلّا بسبب ، ولا يصحّ أن يكون سببه مجامعا له وإن كان مما يصحّ أن يبتدئه كان منعا من وجود مسبّب السبب ، فلا يصحّ أن يقال إنّه ترك له لأنّ من حق الترك والمتروك أن يكون حالهما مع القادر سواء في صحّة الإيجاد (ق ، غ ٩ ، ٧٣ ، ٢٣)
ـ بيّنا أنّ المتولّد في أنّه يقع بحسب قصده ودواعيه كالمباشر ، فيجب إثباتهما فعلا له ، وإذا وجب ذلك لم يصحّ معه إلّا القول بأنّ المباشر يبتدئه بالقدرة في محلّها والمتولّد بفعله عن سبب يقع بحسبه ، لأنّا لو قلنا إنّ المتولّد يبتدئ به لخرج من أن يكون متولّدا. وقد بيّنا أنّه لا يصحّ أن يخترع الفعل في غير محل قدرته فلا يصحّ إذن أن يستغني في المتولّد عن السبب ، ولا يصحّ في المباشر أن يحتاج في إيجاده إلى أمر سواه ، لأنّ ذلك يوجب تعلّق كل فعل منه بفعل آخر ، وهذا يوجب إثبات ما لا نهاية له. فإذا بطل ذلك وجب القضاء بأنّ المباشر يبتدئه بالقدرة فقط ، وأنّ المتولّد لا يصحّ أن يفعله إلّا بواسطة تقع بحسب وجوده (ق ، غ ٩ ، ٧٧ ، ٩)
ـ اعلم أنّ الأصل في مقدور القادر أنّه يصحّ منه إيجاده لكونه قادرا عليه ، فإذا ثبت أنّه يحتاج إلى سبب في إيجاده حكم به وإلّا وجب استغناؤه عنه ، فما ثبت وجوب وجوده بحسب فعل له آخر حكم بأنّه متولّد ، وما امتنع ذلك فيه لم يصحّ وجوده إلّا مباشرا (ق ، غ ٩ ، ٨٠ ، ٤)
ـ الصحيح عندنا أنّ كل ما يقع متولّدا يستحيل وقوعه مبتدأ من فعل أي فاعل كان ، وهو آخر ما قاله شيخنا أبو هاشم (ق ، غ ٩ ، ٨١ ، ٢٢)
ـ إنّ ما يفعله الواحد منّا متولّدا لا يخلو من قسمين : إمّا أن يكون محل السبب والمسبّب واحدا أو يتغاير محلاهما ، فإن كان متغايرا نحو الألم والوهى وغيرهما فلا شبهة في أنّه لا يصحّ أن يبتدئه ، لأنّ المبتدأ من الفعل يجب أن يحلّ في محلّ القدرة عليه ، والمتولّد في هذا الوجه يحلّ في غير محلّ القدرة ، ولا يجوز فيما يحلّ في محلّ أن يفعله في محلّ آخر ، ولا يجوز أن يبتدئ بالقدرة في غير محلّها ، فإذن يجب ألّا يجوز فيما يفعله متولّدا عن سبب في محلّ القدرة في غير محلّها أن يفعلها ابتداء. فأمّا المتولّد إذا حلّ في محل السبب فهو على ضربين : أحدهما يحصل في محلّ واحد ومحلّ القدرة وغيرهما ، وذلك كالألم الذي يتولّد عن الوهى ، لأنّه لا يصحّ أن يفعل بالقدرة التي يحلّ الألم في محلّها الوهى والألم ابتداء ، وإن لم يمتنع أن يولّد ذلك فيه بأن يتراجع الحجر إليه