دون غيره. والوجوه الأولى التي تقدّمت تصحّ منّا (ق ، ت ١ ، ٨٠ ، ١٧)
ـ المتولّد على ضربين : أحدهما أن يكون كالمباشر في كونه في محلّ القدرة كما نقوله في العلم المتولّد عن النظر لأنّه من حيث لا يختصّ بجهة يوجد مسبّبه في محلّه. والثاني يتعدّى محل القدرة. وإن كان السبب يوجد في محلّ القدرة وهذا هو نحو ما يتولّد عن الاعتماد من الحركات في الأجسام النائية عنّا. ثم ينقسم ذلك إلى ما لا بدّ من تحديد الأسباب لتوحّد المسبّبات حالا فحالا ، وإلى ما لا يحتاج إلى ذلك بل يتولّد البعض عن البعض (ق ، ت ١ ، ٣٦٧ ، ٧)
ـ إنّا إنّما نثبت المبتدأ فعلا لنا لوقوعه بحسب أحوالنا ودواعينا. وهذا قائم في المتولّد لأنّ الكلام والكتابة والآلام وغيرها تقع بحسب ما نحن عليه من الأحوال فيجب أن يكون أيضا فعلنا (ق ، ت ١ ، ٤٠٠ ، ١٦)
ـ اعلم أنّ في أفعالنا ما هو متولّد كما أنّ في أفعالنا ما هو مبتدأ ، فكما أنّ جملة مقدوراتنا تنقسم إلى ما يكون من أفعال القلوب ومن أفعال الجوارح ، فالمتولّد منها يثبت في أفعال القلوب وأفعال الجوارح. فأمّا أفعال القلوب فليس يحصل شيء منها مسبّبا إلّا العلم. وأمّا أفعال الجوارح فثبت التوليد في الآلام والتأليف والأصوات والأكوان والاعتماد ، وليس يخرج جميع أفعال الجوارح عن هذه الخمسة ، وفي كلّها يثبت التوليد وإن كان بعضها كما يثبت متولّدا يثبت مبتدأ. وبعضها لا يصحّ أن يقع إلّا متولّدا ، وليس إلّا الأصوات والتأليف والآلام. وأفعال القلوب ما كان منه متولّدا فإنّه يصحّ وقوع جنسه مبتدأ وهو العلم. وأمّا الذي يولّد فهو الاعتماد والكون من أفعال الجوارح ، والنظر من أفعال القلوب فقط. والذي يولّده الاعتماد هو اعتماد آخر. والكون من حركة أو سكون والصوت. والذي يولّده الكون هو التأليف والآلام ، والذي يولّده النظر هو العلم. وما خرج عن هذه الجملة فليس يجوز وقوعه إلّا مبتدأ نحو الإرادة والكراهة والظنّ والفكر. ثم تنقسم هذه المسبّبات ففيه ما يتولّد عن السبب في الثاني ، ومنه ما يتولّد في الحال ، والذي يولّد في الثاني ليس إلّا النظر والاعتماد ، وما يتولّد عن الكون فإنّه يجاوز ولا يتراخى. والطريقة التي بها يعرف أنّ الشيء يولّد أن يحصل غيره بحسبه. وإمارة توليده أن يحصل بحسب غيره. فكل ما يثبت فيه هذا الوجه قضينا بأنّه متولّدا. وما ليس هذا حاله أخرجناه عن هذه الجملة. وإمارة ما يتعذّر فعله منّا إلّا بسبب هو أنّه لا يتمكّن من فعله إلّا عند فعل آخر نوقعه بحسبه إذا زالت الموانع (ق ، ت ١ ، ٤٠٨ ، ٤)
ـ سأل رحمهالله نفسه عن الإمارة التي تفرّق بين أن يكون الشيء متولّدا عن غيره ، وبين أن لا يكون كذلك ، لمّا جرى في كلام الشيوخ من قبل أنّ المباشر هو الذي يحلّ محلّ القدرة ، والمتولّد ما يتعدّاه. وجعلوا ذلك فصلا بين الأمرين ، وليس الأمر عندنا كذلك. فقد يكون المتولّد في محلّ القدرة كالمباشر ، وقد يكون مما يتعدّى وإن كان مما هو مباشر لا يصحّ أن يتجاوز محلّ القدرة. تبيّن صحّة ذلك أنّ العلم المتولّد عن النظر لا يتعدّى محلّ القدرة بل يوجد فيها من حيث لم يختصّ بجهة ، كما نقوله في الاعتماد. وكذلك فالتأليف يوجد في محلّ القدرة كما يوجد في غير محلّها وهو متولّد ،