يكون لمعنى منفصل منه ، ولا لأمر يرجع إلى الوجود من تواليه وكيفية وجوده. فيجب أن يكون إنّما اختصّ بذلك ، لأنّه في نفسه على حال ، وجب كون العالم به ساكن النفس إلى ما علمه (ق ، غ ١٢ ، ٣٠ ، ٣)
ما وجب وجوده للعلة
ـ لا يصحّ إثبات قديم بأن يقال : إنّه علّة في حدوث الأشياء ، ولأنّ كونه علّة في حدوثها يوجب إبطال حدوثها وكونها قديمة. وبعد ، فإنّ ما خلقه وأحدثه لو كان حادثا لعلّة لنقض ذلك كونه حادثا بالفاعل ؛ لأنّ ما وجب وجوده للعلّة استغنى في وجوده عن القادر ؛ كما أنّ ما وجد من جهة أحد القادرين يستغني في وجوده من جهته عن القادر الثاني. وقد ثبت أنّه تعالى قادر فاعل مختار ، فيجب إبطال ما يؤدّي إلى نقض ذلك فيه (ق ، غ ١١ ، ٩٤ ، ١١)
ما يتراخى المسبّب فيه عن السبب
ـ إنّ من المتقرّر أنّ السبب قد يصحّ وجوده ويعرض عارض من وجود المسبّب. فإذا ثبتت هذه الجملة قلنا : فكل ما يفعله الله تعالى من الأسباب قد يصحّ أن يعرّى عن التوليد بأن يفعل ما يصير منعا له عن التوليد ، فيوجد السبب ولا يوجد مسبّبه ، وهذا ظاهر فيما يتراخى المسبّب فيه عن السبب. وقد يصحّ فيما نقارنه أيضا بضرب من المنع ، ولكن على كل حال فيما يتراخى يصحّ من الله تعالى المنع من وقوع المسبّب. والواحد منّا قد يصحّ منه على بعض الوجود أن يمنع مثل أن يرمي بإحدى يديه ويأخذ باليد الأخرى ، ولكنّ في السهم إذا انفصل عن القوس لا يتأتّى ذلك. وعلى هذا إذا أنفذ السهم عن القوس لم يجد طريقا في تلافي ذلك إذا كان يصيب مسلما سوى أن يندم على ما كان منه ويكره وقوع هذه الإصابة ، ولو قدر أنّه جلّ وعزّ يفعل ما هذا حاله لكان الواجب عليه بعد وجود السبب أن يمنع السبب من التوليد ، لأنّ الواحد منّا لو أمكنه أن يصير غير فاعل لما فعله كان هذا هو الواجب ، ولكن عند تعذّر ذلك أقيم الندم مقامه (ق ، ت ١ ، ٤١٩ ، ١٧)
ما يتعلّق بغيره
ـ إذا عدمت القدرة استحال الفعل بها لخروجها عن التعلّق ولخروجها عن أن توجب الصفة للقادر ، فبطل ما ظنّه الخصم. وليس يلزمنا إذا جعلنا العدم موجبا لزوال التعلّق أن يكون كل موجود متعلّقا أو كل ما لا يتعلّق لا يكون موجودا ، لأنّ كل ذلك عكس. والطرد في هذا الباب أنّ كل ما يتعلّق بغيره فلا بدّ من أن يكون موجودا. فهو كما يجعل من شرط العلّة الموجبة الوجود ثم لا يجب في كل ما هو موجود أن يكون موجبا ، وفي كل ما ليس بموجب أن لا يكون موجودا (ق ، ت ١ ، ١٣٤ ، ٢٣)
ما يتعلّق التكليف به
ـ إنّه قد تقرّر في العقل أنّ من فعل القبيح وهو عالم بقبحه وعالم بأنّه معصية للمنعم عليه ، يكون ذنبه أعظم من ذنب من أقدم عليه والحال بخلافه. ولسنا نجعل ما يعظم به الفعل مما يتعلّق به ، ألا ترى أنّا قد نوجب عظم العقل بأمور ترجع إلى غيره ، كنحو تأسّي الغير به فيما سنّه من قبيح أو حسن؟ فإذا جاز ، فيما لا يتعلّق