على ما يقتضيها اللفظ تارة ، وعلى ما يقتضي معناها أخرى ، وهذا كقوله عزوجل : (وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ عَتَتْ عَنْ أَمْرِ رَبِّها وَرُسُلِهِ) (الطلاق : ٨) ، فأعمل اللفظ وأنث ، ثم قال في آخره : (أَعَدَّ اللهُ لَهُمْ عَذاباً شَدِيداً) (الطلاق : ١٠) ، فأعمل المعنى المراد. فكذلك لا يمتنع أن يكون سبحانه أجرى في الخطاب على ما يقتضيه لفظ" ناظر" فعداه بإلى دون ما يقتضي المعنى (ق ، غ ٤ ، ٢٠٨ ، ١٧)
ـ إنّ اللفظة إذا أفادت في اللغة أمرا وتجوز بها في غيره ، فيجب أن نستعمل في المجاز على الوجه الذي وضعت له في الحقيقة ، فتكون مستعارة فيه على الحدّ الذي هو حقيقة في غيره ، ومتى غيّرت عمّا تستعمل عليه في حقيقتها لم تكن هي المستعارة. فلمّا كان قولنا" ناظر" يستعمل في الحقيقة في نظر العين معدّى بإلى ، صحّ أن يتجوّز به في الانتظار على هذا الحدّ ، وإن كان لو صرّح بلفظ" الانتظار" بدلا منه لم يعدّ بإلى ، وهذا كقولنا : " إنّ زيدا يحب عمرا" بمعنى الإرادة ، ولو صرّح بلفظ الإرادة لم يسغ دون أن يذكر نفس المراد الذي هو منافعه ، فيقال : " إنّ زيدا يريد منافع عمرو" (ق ، غ ٤ ، ٢٠٩ ، ٤)
لقاء
ـ إنّ من لقي إنسانا أدركه وأبصره ، فكان المراد من اللقاء هو الرؤية إطلاقا لاسم السبب على المسبّب (ف ، س ، ١١٩ ، ١)
ـ إنّ الرجل إذا حضر عند ملك ولقيه دخل هناك تحت حكمه وقهره دخولا لا حيلة له في دفعه ، فكان ذلك اللقاء سببا لظهور قدرة الملك عليه على هذا الوجه. فلمّا ظهرت قدرته وقوّته وقهره وشدّة بأسه في ذلك اليوم ، عبّر عن تلك الحالة باللقاء (ف ، س ، ١١٩ ، ٥)
لقب
ـ إنّ اللقب إنّما يحسن لأنّه يحتاج إلى استعماله عند غيبة الملقّب ليصحّ الإخبار عنه بالإشارة إليه عند الحضور ، ولذلك وجب في أصل موضوعه ألّا يلقّب به إلّا واحد في العالم ليقع معنى التعريف به كوقوعه بالإشارة. لكنه وقع الاشتراك فيه إمّا لأنّ الأشخاص كثرت وقلّت الأسماء ، أو وقع ذلك من غير قصد ، فعند ذلك احتيج إلى ضمّ الصفة إلى اللقب ليقع معنى التعريف بهما ، ولو لا الاشتراك لأغنى اللقب بمجرّده عن ضمّ الصفة إليه. فإذا صحّ ذلك ، وكان ماله يحسن تعذّر الإشارة عند الغيبة ، ولو أمكنه الإشارة في كل حال ، لم يحسن ذلك. فيجب أن لا يحسن إجراء اللقب عليه ، جلّ وعزّ ، لأنّ له من الأوصاف التي يبين بها من غيره ما يقوم مقام الإشارة ، وتلك الأوصاف ممكنة في كل حال. فيجب القضاء بأنّه لا يصحّ تلقيبه بزيد ولا عمرو ، لأنّ ذلك لا فائدة فيه (ق ، غ ٥ ، ١٩٩ ، ٤)
لم يزل هو
ـ إنّ الذي لم يزل هو الذي لا فاعل له ولا مخرج له من عدم إلى وجود ، فلو كان العالم لم يزل لكان لا محرج له ولا فاعل له ، وقد أقرّ أهل هذه المقالة بأنّ العالم لم يزل وأنّ له فاعلا لم يزل يفعل وهذا عين المحال والتخليط (ح ، ف ١ ، ٢٤ ، ١٧)
لواحق الأحكام
ـ كلّ ما هو محسوس لا يمكن أن يوصف ، من حيث كونه محسوسا ، بكونه يقينيّا أو غير