الوجه الذي بيّناه. وإن كان متى لم تعرض الشبهة لا يلزمه النظر ، فيختلف لزوم ذلك بحسب اختلاف حال العاقل فيما ورد على قلبه (ق ، غ ١٢ ، ٤١٨ ، ١٠)
ـ إنّ اللطف قد يكون لطفا في الفعل بأن يكون الفاعل أقرب عنده إلى أن يفعله ، وإن كان لا يختاره لغرض آخر ، ولا يخرجه ذلك من أن يكون لطفا. وقد يكون لطفا بأن يختار الفعل عنده لا محالة. وكل واحد منهما معقول في بابه ، فلا يجوز قصر اللطف على أحدهما دون الآخر. فيحسن منه تعالى أن يلطف للمكلّف من كلا الوجهين. وسنبيّن ، من بعد ، أنه يلزمه تعالى بالتكليف أن يلطف على الوجهين (ق ، غ ١٢ ، ٤٩٣ ، ١٣)
ـ اعلم أنّ المراد بذلك (لطف) عند شيوخنا ، رحمهمالله ، ما يدعو إلى فعل الطاعة على وجه يقع اختيارها عنده ، أو يكون أولى أن يقع عنده. فعلى هذين الوجهين يوصف الأمر الحادث بأنّه لطف. وكلاهما يرجع إلى معنى واحد ـ وهو ما يدعو إلى الفعل ـ لكن طريقة الدواعي إليه تختلف على الوجهين اللذين ذكرناهما. وعلى هذا الوجه يستعمل في اللغة والتعارف ؛ لأنهم يقصدون بهذه اللفظة إلى ما يدعو إلى الفعل : فيقال في الوالد إنّه يلطف لولده في التعلّم والتأدّب ؛ إذا قوّى دواعيه بما عنده يتعلّم أو يكون أقرب عنده إلى أن يتعلّم ، على حسب ظنّه وتقديره ، فاستعمله شيوخنا فيما يدخل في التكليف على هذا الحدّ (ق ، غ ١٣ ، ٩ ، ٥)
ـ إنّ المفهوم من جهة الاصطلاح من هذه اللفظة (اللطف) هو كل حادث جنس يختار عنده ما تناوله التكليف من واجب أو ندب ، أو يكون المكلّف عنده إلى اختياره أقرب ، والامتناع من القبيح في هذا الباب بمنزلة الواجب ، ولا معتبر بجنسه ولا سائر صفاته ، ولا بحال الفاعل ، بل يوصف بذلك على اختلاف أحواله في جميع ما ذكرناه من أوصافه (ق ، غ ١٣ ، ١١ ، ١٨)
ـ اعلم أنّه يفيد فيه موافقة الطاعة له ، بأن دخلت في الحدوث والوقوع. فمتى حصل للطف هذا الحكم ، وصف بأنّه توفيق ؛ ومتى لم يحصل له ذلك لم يوصف بهذه الصفة ، ولذلك لا نصف اللطف في حال حدوثه بأنّه توفيق لإفراده بحدوثه عن حدوث الطاعة ، حتى إذا حدثت الطاعة من بعد يوصف بذلك ، وكذلك لا نصف اللطف الذي لا تحدث الطاعة عنده البتّة بأنّه توفيق في حال من الأحوال نحو اللطف الذي لا يعلم من حاله أنّه ستختار الطاعة عنده لا محالة. لكنه إنّما يكون لطفا بأن يكون مقرّبا لفاعله ، ويكون أقرب إلى أن يختاره عنده. لكن المعلوم أنه يعدل عن اختياره لسوء تدبيره. وهذه اللفظة (التوفيق) في أنّها من جهة الاصطلاح أخصّ منها من جهة اللغة بمنزلة اللطف فيما قدّمناه ، لأنّ أهل اللغة لا يخصّون بذلك ما ذكرناه دون غيره. ولهذا استعمل شيوخنا رحمهمالله التوفيق فيما تختار عنده الطاعة ، ولم يستعملوه فيما يختار عنده القبيح أو المباح ، وإن كان لا فرق بين ذلك أجمع من حيث اللغة (ق ، غ ١٣ ، ١٢ ، ٤)
ـ إنّ المعقول من اللطف ما يكون المكلّف عنده أقرب لا ما عنده يجب أن يكون فاعلا لا محالة ، ومحال ألّا يكون فاعلا ؛ ولذلك يستعملون هذه اللفظة في الرفق والمعونة وغير ذلك مما يأمرون به ، ولا يستعملونها في الآلات التي بها يتمكّن من الفعل ، مع