هذا النوع ، فمتى حصل عقيب ضدّه فهو حركة ، وإذا بقي به الجوهر كائنا في جهة أزيد من وقت واحد أو وجد عقيب مثله فهو سكون. ومتى كان مبتدأ لم يتقدّمه غيره فهو كون فقط ، وهو الموجود في الجوهر حال حدوثه. فإن حصل بقرب هذا الجوهر جوهر آخر سمّي ما فيهما مجاورة. ومتى كان على بعد منه سمّي ما فيهما مفارقة ومباعدة. وقد نعلم هذا المعنى ضرورة على الجملة وإن كان مما لا يدرك. وهو ما نتصرّف فيه من قيام وقعود وغيرهما ، لأنّا نعلم قبح الظلم من أنفسنا ضرورة (أ ، ت ، ٤٣٢ ، ٣)
ـ اعلم أنّ المعنى الذي يوجد في الجوهر حال الحدوث هو الكون فقط وليس بمخالف للحركة والسكون في جنسه ، بل هو في معناهما لكن لا يسمّى بذلك ، هذا قول أبي هاشم (أ ، ت ، ٤٤٨ ، ١٠)
ـ وقوع الكون منّا هو على وجهي الابتداء والتوليد : إمّا في محل القدرة أو متعدّ عنها ، وإن كان في كلا الحالين يكون الاعتماد هو الذي يولّده ، وفي الأكوان ما لا يصحّ منّا أن نفعله أصلا في الجوهر ، وهو الموجود في الجوهر حال الحدوث فإنّ القديم هو المختصّ بالقدرة عليه لأنّ الذي يفعله في غير محل القدرة من شأنه أن تكون هناك مماسّة بين محل الاعتماد وبين محل الكون ، ومحال مماسّة المعدوم. وهذه الطريقة جعلناها دلالة على أنّ أحدنا لا يقدر على الجوهر ، وإلّا قدر على الكون الذي به يصير كائنا عند حال الحدوث ، لأنّ القادر على إيجاده على الصفات التي يحصل عليها على ما بيّنا في كون الكلام خبرا (أ ، ت ، ٤٧٦ ، ٤)
(وَهُوَ الْخَلَّاقُ) (يس : ٨١) الكثير المخلوقات (الْعَلِيمُ) (يس : ٨١) الكثير المعلومات. وقرئ الخالق (إِنَّما أَمْرُهُ) (يس : ٨٢) إنّما شأنه (إِذا أَرادَ شَيْئاً) (يس : ٨٢) إذا دعاه داعي حكمه إلى تكوينه ولا صارف (أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ) (يس : ٨٢) أن يكوّنه من غير توقّف (فَيَكُونُ) (يس : ٨٢) فيحدث : أي فهو كائن موجود لا محالة (ز ، ك ٣ ، ٣٣٢ ، ١٨)
ـ الأعراض النسبية وهي أنواع. الأوّل : حصول الشيء في مكانه وهو المسمّى بالكون ، ثم أنّ حصول الأوّل في الحيّز الثاني هو الحركة ، والحصول الثاني في الحيّز الأوّل هو السكون ، وحصول الجوهرين في حيّزين يتخلّلهما ثالث هو الافتراق ، وحصولهما في حيّزين لا يتخلّلهما ثالث هو الاجتماع. الثاني : حصول الشيء في الزمان وهو المتى (ف ، أ ، ٢٦ ، ٢٠)
كون الشيء في غيره
ـ الكلام على من قال : إنّ الإنسان جزء لا يتجزّأ ، وهو في القلب. اعلم أنّ هذا القائل لا يخلو من أن يجعل هذا الجزء عرضا حالّا فيه ، أو جوهرا مجاورا ؛ لأنّ كون الشيء في غيره لا يصحّ إلّا على هذين الوجهين ، وأيّهما قال فقد أبطلناه بالأدلّة التي ذكرناها في نصرة ما نذهب إليه ، على أنّ الجزء في القلب إن كان هو الحيّ المريد القادر فيجب أن يكون هو المصرّف للجملة ، ولو كان كذلك لوجب ألّا يصحّ أن يبتدئ الفعل في أطرافه ، بل كان يجب أن تحصل الحركات فيها بجذب من القلب أو دفع ، وبطلان ذلك يبيّن فساد هذا القول (ق ، غ ١١ ، ٣٢٩ ، ١٦)