الموانع. وإنّما يجب حصول هذه العلوم ؛ لأنّها لو لم تحصل لم يحصل للمكلّف الخوف من ألّا يفعل النظر ، وابتداء التكليف متعلّق به ، ولأنّه لا يصحّ منه العلم بالعدل إلّا معه ؛ لأنّه متى لم يعرف الفرق بين الحسن والقبيح لم يصحّ منه أن ينزّه القديم ـ تعالى ـ عن المقبّحات ، ويضيف إليه المحسّنات. وكثير من الألطاف والمصالح لا تتمّ إلّا معه. ولا يصحّ أن يعلم سائر القبائح المكتسبة عقلا وسمعا إلّا بأن تحصل هذه العلوم له فيقيس عليها غيره (ق ، غ ١١ ، ٣٨٤ ، ١٢)
ـ من جملة كمال العقل العلم بكثير من الدواعي ؛ لأنّ معرفة الألطاف لا تصحّ إلّا معه. فمتى لم يعلم المضارّ والمنافع وأنّ الضرر المحض يجب أن ينصرف عنه ، والنفع المحض يحسن منه الإقدام عليه لم يصحّ له مبادئ التكليف ، ولا سائر ما يبنى عليه ، ولا أن يفرّق بين الإلجاء والتخلية ، وبين ما يجوز أن يتوجّه معه الذمّ والمدح إليه ، وبين ما يزول ذلك عنه. فهذا القدر ممّا لا بدّ لكل مكلّف منه (ق ، غ ١١ ، ٣٨٥ ، ١)
ـ اختلف شيخانا ـ رحمهماالله ـ فأمّا أبو عليّ ـ رحمهالله ـ يقول : إنّ العلم لمخبر الأخبار من كمال العقل كالعلم بالمدركات. وكثيرا ما يجري شيخنا أبو هاشم ـ رحمهالله ـ الكلام في كتبه على هذا الوجه. وقال في بعض الإلهام : إنّ ذلك ليس من كمال العقل ، وإنّ العقل يكمل دونه ويصحّ التكليف مع عدمه. وبيّن أنّه لو كان من كمال العقل لكان الخبر في أنّه طريق العلم ؛ بالمخبر عنه كالإدراك ، فكان لا يحتاج إلى تكرّره على السامع ليعلمه. فدلّ ذلك على أنّه بالعادة وإن لم تختلف العادة في عدد المخبرين إذا تساوت أوصافهم. ويجب على هذا القول أن يكون حفظ المدروس والعلم بالصنائع عند ممارستها بالعادة للحاجة فيها إلى التكرّر ؛ إلّا أنّ ذلك وإن كان بالعادة فلا بدّ منه في التكليف السمعيّ ؛ خاصّة إذا كان المكلّف غائبا عن الرسول أو موجودا بعد موته ؛ لأنّ بالخبر يصل إلى معرفة شرائعه وعلمه. ولا بدّ في كثير من التكليف الشرعيّ من الحفظ ليصحّ أن يؤدّي ما كلّف أداءه ، إلى غير ذلك ، ويقوم بأداء ما كلّف على الوجه الذي كلّف. فأما ذكر الإنسان لأحواله السالفة وللأمور العظيمة إذا حدثت فمنزلة استمراره على العلم بالمدركات وإن تقضّى الإدراك في أنّ ذلك من كمال العقل (ق ، غ ١١ ، ٣٨٥ ، ٧)
ـ أن يقال إنّ الواحد منا لو كان قادرا على الجسم لوجب أن يكون عالما ، وأن يكون له سبيل إلى ذلك ، لأنّ كمال العقل يقتضي التفرقة بين ما يصحّ منه وبين ما لا يصحّ منه ، لأنّه لا بدّ من أن يكون عالما بما يصحّ منه وبما يحسن والفرق بينهما ، حتى يكون مرغبا بما يحسن منه ومزجورا عمّا يقبح ، والعلم بذلك فرع على العلم بما يصحّ منه ، فلا بدّ من أن يكون عالما بما يصحّ منه (ن ، د ، ٤٤٦ ، ٤)
ـ إنّ الذي يرجع به إلى كمال العقل إنّما هو علوم مخصوصة (ن ، د ، ٥٠٤ ، ١٣)
كمون
ـ الظهور خروج إلى مكان ، والكمون انتقال عنه وكون في غيره من الأماكن واستتار ببعض الأجسام (ب ، ت ، ٦٩ ، ١٧)
ـ أمّا الكمون فإنّ طائفة ذهبت إلى أنّ النار كامنة في الحجر ، وذهبت طائفة إلى إبطال هذا ،