ـ اعلم أنّ الكلام
هو الأصوات المخصوصة ، لا معنى سواها يخالفها. هذا قول الشيخ أبي هاشم. وذهب الشيخ
أبو علي إلى أنّه معنى زائد على الأصوات ، فجعل الكلام والحروف سواء ، وجعل الحرف
غير الصوت. وذهب إلى بقاء الكلام دون الأصوات وأثبته مسموعا عند مقارنة الصوت له.
وذكر عنه أنّه يجعله باقيا إذا ابتدئ مكتوبا دون أن يبتدأ مسموعا (أ ، ت ، ٣٦٢ ، ٣)
ـ الأشعرية تذهب
في الكلام إلى أنّه معنى في النفس ، ولم تفصل بين الشاهد والغائب وتجعله قائما
بالمتكلّم (أ ، ت ، ٣٦٢ ، ٨)
ـ أمّا الكلابيّة
فقد أثبتت الكلام شاهدا بصفة الحروف وقالت بأنّ في الغائب كلاما يخالف ذلك. ففصلت
بين الشاهد والغائب (أ ، ت ، ٣٦٢ ، ١٠)
ـ اعلم أنّه إذا
ثبت في المتكلّم أنّه فاعل الكلام ، فإن كان القول في الله تعالى صحّ منه أن يوجد
كلامه في كل محل على ما تقدّم. وإن كان القول في أحدنا فلا يمكن إلّا أن يفعله في
مبنى بنية مخصوصة ، وهو أن يتشكّل بشكل الفم واللهوات فيكون وجود كلامه على وجهين
: أحدهما بأن يوجده في لسانه ، وثانيهما بأن يوجده في الصدى (أ ، ت ، ٤١١ ، ١٧)
ـ أمّا إثبات كلام
في المكتوب فباطل لأنّه قد صحّ في الكلام أنّه من باب الأصوات الواقعة على وجه.
وهذا يوجب كونه مسموعا كما وجب مثله في الأصوات أن تكون مسموعة. ولو كان في
المكتوب كلام لوجب سماعه لحصول المدرك والمدرك جميعا على الشروط المعتبرة فيهما ،
ولا مانع هناك. ولهذا لو وجد في الورقة صوت لسمعناه ، فلو كان فيها كلام لوجب أن
نسمعه أيضا. وليس يجب في الشيء إذا كان مدركا في ذاته أن يقف إدراكه على مقارنة
غيره له ، على ما نعلمه من حال سائر المدركات. ولا يجوز لأحد أن يقول : إنّ الحرف
وإن كان مدركا فإدراكه موقوف على مقارنة الصوت إيّاه (أ ، ت ، ٤٢٠ ، ١١)
ـ إنّ الكلام حروف
منتظمة ، وأصوات متقطّعة ، دالّة على أغراض صحيحة (المعتزلة) (ج ، ش ، ١٠٧ ، ١١)
ـ الحدّ ما يحوي
آحاد محدود ، والحرف الواحد قد يكون كلاما مفيدا ، فإنّك إذا أمرت من"
وقى" و" وشى" قلت" ق" و" ش" ، وهذا كلام وليس
بحروف وأصوات (ج ، ش ، ١٠٧ ، ١٤)
ـ نقول : الكلام
هو القول القائم بالنفس ، وإن رمنا تفصيلا ، فهو القول القائم بالنفس ، الذي تدلّ
عليه العبارات وما يصطلح عليه من الإشارات (ج ، ش ، ١٠٨ ، ١٥)
ـ زعموا (المعتزلة)
أنّ الكلام : هو الأصوات المتقطّعة ، والحروف المنتظمة ، ونصّوا كلاما قائما
بالنفس سوى العبارات الآئلة إلى الحروف والأصوات (ج ، ش ، ١٠٩ ، ٣)
ـ ذهب الجبائي إلى
أنّ الأصوات المتقطّعة على مخارج الحروف ليست بكلام ، وإنّما الكلام الحروف
المقارنة للأصوات ، وهي ليست بأصوات ولكنّها تسمع إذا سمعت الأصوات (ج ، ش ، ١٠٩ ،
٨)
ـ المتكلّم عند
أهل الحق من قام به الكلام. والكلام عند مثبتي الأحوال منهم يوجب لمحلّه حالا وهي
كونه متكلّما ، وينزل الكلام في ذلك منزلة العلوم والقدر ونحوها من الصفات الموجبة
لمحالها الأحكام (ج ، ش ، ١١٢ ، ٣)