٢٦) حقيقة الفناء هو العدم ، فإذا جعل ذلك وصفا لمن عليها اقتضى الظاهر بأنّ من عليها يفنى ويعدم (ق ، غ ١١ ، ٤٣٩ ، ٥)
ـ إنّ الجوهر لا يتعلّق بغيره ، وإنّما يحصل موجودا لا في محلّ ، فالفناء إنّما ينافيه بأن يحصل موجودا على هذا الوجه ، وصار ليس يغنى مجرّد وجودهما عن تعلّقهما بالغير في أنّه معتبر في منافاة أحدهما للآخر بمنزلة تعلّق الضدّين بالمحلّ إذا تضادّا عليه. فلولا أنّ الأمر كذلك لم يصحّ أن يضادّ الجوهر أصلا ؛ لأنّه لا بدّ على ما قدّمناه من أن نعتبر في مضادّته له حكما زائدا على الجنس والوجود ، فلو لم نعتبر ما ذكرناه لم ينافه أصلا ، وصار نفي تعلّقهما بالغير في أنّه حكم زائد يعتبر به مضادّتهما بمنزلة الحكم الجاري مجرى الإثبات المعتبر في سائر المتضادّات (ق ، غ ١١ ، ٤٤٥ ، ٦)
ـ دليل السمع يبيّن أنّ الفناء لا يبقى فليس لأحد أن يقول : إذا كان الفناء متى وجد بقي فكيف يصحّ وصفه ـ تعالى ـ بأنّه الآخر ، ولا له أن يقول : إذا كان الجوهر يبقى فكذلك ضدّه ؛ لأنّ بقاء الشيء لا يجب أن يشترك فيه المتضادّات ؛ كما لا يجب اشتراكها في الخروج من العدم إلى الوجود (ق ، غ ١١ ، ٤٥٠ ، ١٥)
ـ قوله (أبو هاشم) في باب الفناء إنّ الله تعالى لا يقدر على أن يفني من العالم ذرّة مع بقاء السموات والأرض ، وبناه على أصله في دعواه بأنّ الأجسام لا تفنى إلّا بفناء يخلقه الله تعالى لا في محلّ ، يكون ضدّا لجميع الأجسام ، لأنّه لا يختصّ ببعض الجواهر دون بعض ، إذ ليس هو قائما بشيء منها ؛ فإذا كان ضدّا لها نفاها كلّها (ب ، ف ، ١٩٧ ، ٣)
ـ اختلفوا أيضا في الفناء ، فأثبته القلانسي عرضا يقوم بالجسم الفاني فيفنى به في الحالة الثانية من حال حدوث الفناء فيه. وزعم الجبائي وابنه أنّ الفناء عرض يخلقه الله عزوجل لا في محل فيفني به جميع الأجسام ، وزعم أنّ الله تعالى غير قادر على إفناء بعض الأجسام مع بقاء بعضها (ب ، أ ، ٤٥ ، ١٠)
ـ قال شيخنا أبو الحسن الأشعري : إنّ فناء الجسم يكون بأن لا يخلق الله فيه بقاء ، وأمّا العرض فإنّما يفنى في الثاني من حالة حدوثه لاستحالة بقائه ، وكان القاضي أبو بكر محمد بن الطيّب يقول إذا أراد الله إفناء الجسم قطع الأكوان عنه وليس البقاء ولا الفناء معنى (ب ، أ ، ٤٥ ، ١٤)
ـ قال شيخنا أبو الحسن الأشعري إنّ الله عزوجل إذا أراد فناء جسم لم يخلق البقاء فيه (ب ، أ ، ٦٧ ، ٢)
ـ زعم الجبائي وابنه أنّ الله تعالى يخلق فناء لا في محل ، فيفني به جميع الأجسام ، وزعم أنّ الله ليس بقادر على فناء بعض الأجسام مع بقاء بعضها (ب ، أ ، ٦٧ ، ٩)
ـ اختلفوا في كيفية فناء الأجسام : فقال أبو الحسن الأشعري إنّ الله يفني الجسم بأن لا يخلق فيه البقاء في الحال التي يريد أن يكون فانيا فيه. لأنّ الباقي عنده يكون باقيا ببقاء ، فإذا لم يخلق الله البقاء في الجسم فني. وإلى هذا القول ذهب ضرّار بن عمرو (ب ، أ ، ٢٣٠ ، ١٢)
ـ قال شيخنا أبو العبّاس القلانسي رحمهالله : إنّما يفني الله الجوهر بفناء يخلقه فيه ، فيفنى الجوهر في الحال الثانية من حال حدوث الفناء فيه (ب ، أ ، ٢٣٠ ، ١٦)