المنهيّ عنه ؛ وقد يكون كذلك على وجهين : أحدهما ، أن يكون المكلّف واحدا ، ويؤمر بالفعل في وقت ، وينهي عن مثله في وقت آخر ؛ وإنّما نذكر من ذلك ما يلتبس الفعلان فيه بالفعل الواحد ، فلذلك قلنا : أن يأمره بشيء في وقت ، وينهاه عن مثله ، وإن كان الخلاف والمثل لا يفترق في ذلك ، لكنّ المخالف لا لبس فيه ، فلذلك لا نذكره في هذا الوجه. والثاني : أن يكون أحد المكلّفين غير الآخر فيأمر أحدهما بشيء ، وينهي الأمر عن مثله ، وهذا أيضا إنّما شرطنا فيه المثل ، لأنّه يلتبس بالعين الواحدة ، فيما يتناوله الدليل ، والأمر والنهي ، لا لأنّ المثل في ذلك يفارق ما هو مخالف ومتضادّ. والقسم الثاني من القسمين الأوّلين : أن يكون المأمور به هو المنهيّ عنه ، على وجهين ، وذلك لا يحسن إلّا والمكلّف واحد (ق ، غ ١٦ ، ٦٤ ، ٤)
فعل يصحّ وقوعه مبتدأ ومتولّدا
ـ (الفعل) الذي يصحّ وقوعه مبتدأ تارة ومتولّدا أخرى لأنّه في حاله يقع بحسب غيره في القلّة والكثرة ، أو في ما أشبه ذلك من المعنى الذي تقدّم ذكره. وفي حالة أخرى يقع لا على هذه الطريقة ، فجعلناه مما يدخله الضربان معا (ق ، ت ١ ، ٤١١ ، ١٨)
فعل يقبح ولا يدل على البداء
ـ (الفعل) الذي يقبح ، ولا يدلّ على البداء وجوه. منها : أن يأمر بنفس ما نهي عنه ، على وجه واحد ، مكلّفين في حال واحدة ، أو حالين ، ولأنّ مثل ذلك لا يتغيّر. ومنها : أن يأمر بنفس ما نهي عنه ، على وجهين ، مكلّفين في حال أو أحوال لأن ذلك لا يتغيّر. ومنها : أن يأمر بعين ما نهي عنه ، على وجه ، أو وجهين مكلّفا واحدا ، في حالين ووقتين. ومنها : أن يأمر بغير ما نهي عنه ، في وقت واحد ، مكلّفا واحدا ، على وجه ، لا يتميّز أحدهما من الآخر ، في وجه المصلحة ؛ وما عدا ذلك مما يقبح. فالأمر يرجع إلى فقد بعض شرائط التكليف ، انفرد أو اقترن بغيره ، لأنّه لا يحسن أن يأمر تعالى بفعل ، وينهي عن الآخر ، وليس للمأمور من الصفة ما يحسن معه الأمر به ، أو المنهي عنه فيما يرجع إلى التمكّن ، أو وجه المصلحة ؛ وهذا مما تكثر أقسامه إن ذكر (ق ، غ ١٦ ، ٦٣ ، ١١)
فعل يقبح ويدل على البداء
ـ (الفعل) فالذي يقبح ، ويدلّ على البداء يجب أن يكون جامعا لشروط : منها : أن يكون المنهي عنه عين ما تقدّم الأمر به. ومنها : أن يكون على وجه واحد. ومنها : أن يكون المكلّف واحدا. ومنها : أن يكون النهي متأخّرا عن الأمر ، أو الأمر متأخّرا عن النهي ، غير واقع معه ؛ فإذا تكاملت هذه الشروط فمن حق الثاني منهما أن يدلّ على البداء ، دون الأوّل ، لأنّ الأوّل لو انفرد لم يدلّ على ذلك ، وكذلك الثاني لو انفرد ، وإذا وقع بعده دلّ على البداء فهو الدالّ على البداء ، (وإن كان إنّما يدلّ بشروط تقدّم الأوّل ، وكذلك قلنا : لو وقعا معا لمّا دلّا على البداء) لأنّ ترتيب الدلالة على البداء لا يصحّ عند المقارنة ، ويصحّ عند وقوع أحدهما بعد الآخر ، على ما ستذكره من بعد (ق ، غ ١٦ ، ٦٣ ، ١)