فعل واجب الوجود لغرض
ـ إن قيل : لو لم يكن فعل واجب الوجود لغرض مقصود ، مع أنّ الدليل قد دلّ على كونه حكيما في أفعاله ، غير عابث في إبداعه ، لكان عابثا ، والعبث قبيح ، والقبيح لا يصدر من الحكيم المطلق ، والخير المحض. وإذا لا بدّ له في فعله من غرض يقصده ومطلوب يعتمده ، نفيا للنقص عنه ، وتنزيها له ، عن صدور القبيح منه ، وما ذكرتموه من تعلّق النقص والكمال به بالنظر إلى الغرض والمقصود فإنّما يلزم أنّ لو كان الغرض عائدا إليه ، وكماله ونقصه متوقّفا عليه ، وليس كذلك ، بل هو الغنى المطلق واستغناء كل ما سواه ليس إلّا به ، بل عوده إنّما هو إلى المخلوق ، وذلك مما لا يوجب كمالا ولا نقصانا بالنسبة إلى واجب الوجود. وإذا ثبت أنّه لا بدّ من حكمة وفائدة ، ففائدة خلق العناصر والمركّبات والمعدنيات وغير ذلك من الجمادات العناية بنوع الحيوان ، لأجل انتظام أحواله ، في مهمّاته وأفعاله ، والاستدلال بما في طيّها من الآيات والدلائل الباهرات على وجود واجب الوجود ، ووحدانيّة المعبود. وإليه الإشارة بقوله ـ عليهالسلام : " كنت كنزا لم أعرف فخلقت خلقا لأعرف به (م ، غ ، ٢٣٠ ، ٣)
فعل واحد من فاعلين
ـ نرجع إنشاء الله تعالى إلى إنكارهم فعلا واحدا من فاعلين فنقول وبالله تعالى التوفيق إنّما امتنع ذلك فيما بيننا في الأكثر لا على العموم لما شاهدناه من أنّه لا تكون حركة واحدة في الأغلب لمتحرّكين ، ولا اعتقاد واحد لمعتقدين ، ولا إرادة واحدة لمريدين ، ولا فكرة واحدة لمفتكرين ، ولكن لو أخذنا سيفا واحدا أو رمحا واحدا فضربا به إنسانا فقطعاه أو طعناه به ، لكانت حركة واحدة غير منقسمة لمتحرّكين بها ، وفعلا واحدا غير منقسم لفاعلين ، هذا أمر يشاهد بالحسّ والضرورة ، وهذا منصوص في القرآن من أنكره كفر (ح ، ف ٣ ، ٧٦ ، ١٣)
فعل واقع على جهة القصد
ـ أمّا الفعل الواقع على جهة القصد فقد بيّنا أنّه لا يخلو من أن يكون قبيحا أو حسنا ، وبيّنا حقيقتهما. فالقبيح لا يجوز أن يكلّفه ـ تعالى ـ ؛ لأنّ الأمر بالقبيح وإرادته قبيحان ، ولأنّ الغرض بالتكليف تعريض المكلّف للنفع ، وذلك لا يتأتى في القبيح ؛ لأنّه يستحقّ به الضرر دون النفع (ق ، غ ١١ ، ٥٠٢ ، ١٩)
فعل يحتاج إلينا
ـ إن قيل : هب أنّا سلمنا أن الفعل يحتاج إلينا ويتعلّق بنا ، فلم قلتم إنه يحتاج إلينا في الحدوث؟ قيل له : في ذلك وجهان اثنان : أحدهما أنه إذا ثبت أنه يحتاج إلينا (الفعل) فلا بدّ من أن يكون احتياجه إلينا لوجه من الوجوه ، لأنّه لو قيل إنّه يحتاج إلينا ، ثم لم يشر باحتياجه إلينا إلى وجه من الوجوه لعاد الأمر بالنقض على أنه يحتاج إلينا في استمرار الوجود أو في تجدّد الوجود الذي هو الحدوث (ن ، د ، ٣١٧ ، ١)
فعل يحسن من
ـ (الفعل) الذي يحسن من فليس يخرج عن قسمين : أحدهما أن يكون المأمور به غير