العلم يتبع المعلوم. وهذه الصفة مستتبعة ، وظاهر أنّ الحياة والسمع والبصر والكلام لا يصلح لذلك ، فلا بدّ من صفة أخرى وهي الإرادة (ف ، أ ، ٤٤ ، ١٩)
ـ إرادته (الله) واجبة القدم ، خلافا للمعتزلة في أنّها محدثة لا في محل ، والكراميّة في أنّه يخلقها في ذاته. لنا : فتفتقر إلى مخصّص ويتسلسل (خ ، ل ، ١٠٦ ، ٤)
ـ إرادة الله تعالى لفعله إدراكه بعلمه حكمة الفعل ، وكراهيته إدراكه بعلمه قبح الفعل. والمعلوم عند العقلاء أنّ إدراك المعلوم غير العالم وغير المعلوم ، ولا يلزم من ذلك توطين النفس ، لأنّ التوطين هو النيّة ، ولا يشكّ العقلاء أنّ إدراك المعلوم هو غير النيّة (ق ، س ، ١٠٩ ، ٨)
إرادة حادثة
ـ إنّ الإرادة الحادثة قد تكون ضروريّة وقد تكون كسبيّة ، والضروريّة منها لا توصف بالخيريّة والشرّية والتكليفيّة ، إذ لا تكليف إلّا على المكتسب ، وقد توصف بالخيريّة والشرّية الجبرية ، كما يقال الملك يريد الخير طبعا وجبرا والشيطان يريد الشرّ طبعا وجبرا ، وأمّا الإرادات الكسبيّة فتتوجّه على المريد فيها وبها التكليف ، فيوصف بالظلم والعدل والخير والشر والطاعة والمعصية كما وصف سائر الحركات ، ثم لم يلزم من ذلك طردها في الغائب (ش ، ن ، ٢٥١ ، ١٢)
إرادة الحسن
ـ أمّا إرادة الحسن ، فقد تحسن وتقبح ، فمتى انتفت وجوه القبح عنها كانت حسنة ، ومتى حصل فيها وجه من وجوه القبح كانت قبيحة. فإذا كانت إرادة لما لا يطيقه المأمور ، فيجب كونها قبيحة ، وإن كان مرادها لو وقع لكان حسنا ، لأنّ تكليف ما لا يطاق أصل في القبائح ، والمعتبر فيه بالإرادة لا بالأمر (ق ، غ ٦ / ٢ ، ١٠١ ، ١٠)
إرادة السبب
ـ ذهب الشيخ أبو عليّ إلى أنّ إرادة السبب إرادة للمسبّب ؛ وأطلق القول في ذلك حتى قال : إن الأمر بالسبب أمر بالمسبّب ، وقبح أحدهما هو قبح الآخر ، وحسن أحدهما هو حسن للآخر (ن ، د ، ٩٣ ، ١٥)
إرادة الضدين
ـ قالوا (مشايخنا) : يلزم أن يكون مريدا للضدّين لأنّ كلّ واحد منهما يصحّ حدوثه فيصحّ أن يريده ويجب أن يريده. وعند هذا الإلزام اختلف كلام" شيوخنا". فمنهم من أوجب كونه على صفتين ضدّين بإرادة الضدّين على ما قاله" أبو علي" وهو قول" أبي هاشم" أوّلا. والذي يصحّ عندنا في إرادة الضدّين أنهما لا يتضادّان. وهو قول رجع إليه" أبو هاشم" بدلالة أنّ هاتين الإرادتين لو يضادّتا لما أثّر في ذلك اعتقاد المريد فيهما أنّهما لا يتضادّان. وقد ثبت أنّه متى اعتقد في هذين المرادين أنّهما ليسا بضدّين ، صحّ منه أن يريدهما وتضادّ الضدّين لأمر يرجع إليهما ، فلا يتغيّر بالاعتقاد ، فلمّا ثبت أنّه لو اعتقد اختلافهما صحّ منه أن يريدهما دلّ على أنّ لا تضادّ في ذلك أصلا. وأنّ الداعي هو الذي يمنعه من ذلك على ما نثبته (ق ، ت ١ ، ٢٧٧ ، ٤)