بعض ، كما تقولون في الإرادة إنّ حالها مع سائر المرادات على سواء ومع ذلك فإنّها تتعلّق ببعض المرادات دون بعض. فالجواب : فرّق بينهما ، وذلك لأنّ الإرادة تتعلّق بما تتعلّق لما هي عليه في ذاتها وما هي عليه في ذاتها يقتضي التعلّق بهذا المراد دون غيره من المرادات. ولا يمكن أن يقال في السبب إنّه لما هو عليه في ذاته يولّد في بعض الجهات دون بعض. فإذا لم يكن له اختصاص لأمر يرجع إليه لم يكن بأن يولّد في بعض الجهات أولى من أن يولّد في غيرها إلّا بتخصيص ، وليس هاهنا مخصّص ، فكان يجب أن يولّد في الجميع أو يمتنع من التوليد (ن ، د ، ٣٩٨ ، ١٠)
ـ إنّ الإرادة يمكن الفعل بها في جعل الكلام أمرا وخبرا أو إيقاع الفعل على وجه دون وجه ، على أي وجه كان ، من دون استعمال محلّها في الفعل أصلا (ن ، د ، ٤٥٠ ، ٩)
ـ إن قيل : فالعلم والإرادة إذا لم يجب في الفعل بهما استعمال محلّهما ، فلما ذا وجب احتياجهما إلى المحل؟ قيل له : إنّما وجب احتياجهما إلى المحل لأنّهما علّتان ، فلا بدّ من اختصاصهما بالواحد منّا ، لأنّ من حق العلّة أن تختصّ بالمعلول غاية الاختصاص ، وغاية الاختصاص في الواحد منّا إنّما تكون بطريقة الحلول ، فلذلك وجب حلولهما في بعض من أبعاض الواحد (ن ، د ، ٤٥١ ، ٦)
ـ الإرادة ، فإنّا قد بيّنا أنّها تحتاج إلى المحل لأجل الاختصاص فقط ، إذ قد بيّنا أنّه يمكن الفعل بها من دون استعمال المحل حتى بطل هذا الحكم على كونها إرادة ، بل لا يمكن أن يعلّل وجود الإرادة في المحل واحتياجها إليه بكونها إرادة أصلا يلزمنا لا يتأتّى فيه التعليل (ن ، د ، ٤٥١ ، ١٨)
ـ ذهب شيوخنا إلى أنّ الإرادة لا يجوز أن تكون موجبة للمراد (ن ، م ، ٣٥٧ ، ١١)
ـ ذهب أبو القاسم إلى أنّ الإرادة موجبة ، وليست بمولّدة له (للمراد). وذكر أنّ كل متولّد موجب ، وليس كل موجب متولّد (ن ، م ، ٣٥٧ ، ١٢)
ـ إن قيل : ما أنكرتم أنّ الإرادة إنّما توجب المراد إذا كان المريد قادرا عليه ، فأمّا إذا لم يكن قادرا عليه فإنّها لا توجب. قيل له : إنّ القادر على السبب يجب أن يكون قادرا على المسبّب ، ولو لا ذلك لكان لا يمتنع أن يكون أحدنا قادرا على الضرب ولا يقدر على الألم ، وأن يكون قادرا على العلم (ن ، م ، ٣٥٨ ، ٦)
ـ مما يدلّ على أنّ الإرادة لا يجوز أن تكون سببا لوقوع المراد ، أنّها لو كانت سببا لذلك ، لوجب أن يصحّ من المريض المدنف أن يفعل المشي بأن يريد ذلك. وقد بيّنا أنّ القادر على السبب يجب أن يكون قادرا على المسبّب ، وأنّ القدرة على السبب والمسبّب واحدة ، فيجب على هذا الموضوع أن يصحّ من المدنف العليل أن يفعل أفعال الجوارح بقدر قلبه (ن ، م ، ٣٥٩ ، ١١)
ـ وجب أن يوجد المراد عند وجود الإرادة وسلامة الأحوال ، لا لأنّ الإرادة موجبة ، بل لأنّ ما يدعو إلى المراد يدعو إلى الإرادة. وما يدعو إلى المراد ، والحال حال سلامة ، يقتضي وجوب وقوع المراد. فلذلك وجب وقوعه ، لا لأنّ الإرادة موجبة. وبعد ، فإنّه يلزم أن يكون الداعي موجبا ، لأنّ مع قوته وسلامة الأحوال يجب أن يقع ما يدعوه الداعي إليه (ن ، م ، ٣٦٠ ، ٢٠)