المصالح ، وأن يكونوا ممن يعرف الفرق بين من يصلح للإمامة ، وبين من لا يصلح لها ، وأن يكون عالما لحمل الدين حتى يصحّ أن يعرف ذلك. فمتى كانت هذه صفتهم ، وكانوا من أهل الرأي والفضل ، وبلغ عددهم ستّة ، فعقد أحدهم برضا الباقين جميعهم ، فقد صحّت الإمامة إذا وقع القبول على ما قدّمناه (ق ، غ ٢٠ / ١ ، ٢٥٢ ، ١٢)
عاقل
ـ إنّ العاقل يمكنه أن يعرف حسن النظر ، ويميّزه من غيره ، ويعرف في الجملة أنّ ما يجب وجوده عند وجود النظر لا يكون إلّا حسنا عند التأمّل ، فيصحّ ما يبتدئه من الاعتقادات. فإذا ثبت ذلك ، فارق حاله ، في هذين الأمرين ، حال من لا عقل له. لأن من هذه حاله ، لا يصحّ منه أن يعرف الفعل على وجه يقتضيه التكليف. لأنّه إنّما يصحّ أن يعرف حسن الفعل أو وجوبه إذا كان من كامل العقل ؛ فأمّا ، مع فقد علمه ، فلذلك ممتنع فيه. فلذلك فصلنا بين من لا عقل له ، وبين العاقل في تكليف النظر والمعرفة (ق ، غ ١٢ ، ٢٩٧ ، ١٤)
ـ أمّا العاقل إذا تمكّن من معرفة الشيء ، فإنّه يلام على فعله وعلى جهله جميعا ، فيستحقّ اللوم من وجهين. ويفارق ذلك حال من لا يقدر ، لأنّه لا يمكنه أن يعذر نفسه ، فيكون فقد قدرته عذرا واضحا في أن لم يفعل. وليس ، كذلك ، حال فقد العلم ، إذا أمكنه أن يحصّله فيعرف ما له وعليه في ذلك (ق ، غ ١٢ ، ٣١٣ ، ٣)
ـ ليس كل ما يقدر عليه العاقل يجوز أن لا يفعله على كل حال ، بل فيه ما لا يجوز أن لا يفعله إذا كان على صفة ؛ فإن كان لو لم يكن عليها ، لجاز أن لا يفعله. وهذا كالملجإ الذي مع ثبات الإلجاء لا بدّ من أن يكون فاعلا ، ومع زواله قد يجوز أن لا يفعل. فإذا صحّ ذلك ، فالعاقل إذا تقرّر في عقله وجوب كل نظر يخاف من تركه ويؤمّل زوال الضرر بفعله ، ثم ورد عليه دعاء الداعي فخوّفه من ترك نظر بعينه ونبّهه على وجوه الخوف وعرّفه الأمارات القائمة في عقله في هذا الوجه ، فلا بدّ حينئذ من أن يفعل العلم بوجوب هذا النظر ، وإن كان على بعض الوجوه قد يجوز أن لا يفعله بأن تتغيّر حالته هذه. فإذا صحّت هذه الجملة ، لم يلزم في العاقل أن يزول التكليف عنه ، والحال هذه ، بل لا بدّ من أن يحصل فيه هذا العلم فتتكامل بحصوله شرائط التكليف ويلزمه النظر عند ذلك لعلمه بوجوبه (ق ، غ ١٢ ، ٣٧٧ ، ١٣)
ـ إنّ العاقل يتمكّن من معرفة القبيح الذي يقبح عقلا ، ومن معرفة ما يجب من جهة العقل. وإنّما يجب هذا ويقبح ذلك ، لصفة تخصّهما ؛ فقد يصحّ منه أن يقوم بالواجب منهما ، ويتجنّب القبيح على الوجه الذي يلزم ويجب من دون المعرفة. وبيّنا مفارقة ذلك للشرعيّات (ق ، غ ١٢ ، ٥١٦ ، ١٢)
ـ إنّ العاقل إذا كان هناك أمارة صحيحة لا بدّ أن يفعلها لأنّ كمال عقله يقتضي ذلك ، حتى إنّه لو لم يفعل ذلك مثلا لم يكن مكلّفا بالنظر ، وإن كان كامل العقل حتى إنّ الله تعالى لو أراد تكليفه والحال هذه لما حسن تكليفه والحال هذه. وأما إذا تغيّرت الأمارة ولم تكن قويّة فإنّه يجوز أن يخرج عن الخوف ، ولا يقدح ذلك في شيء من كمال عقله (ن ، د ، ٥٠٥ ، ٨)
ـ ممّا تمسّكوا به في مدارك العقول ، إن قالوا (المعتزلة) : العاقل يميّز بين مقدوره ، وبين ما