أو مظنون ، وإنّما حسن منه للاستحقاق على ما تقدّم منه ، فصار ذلك أصلا لحسن الآلام التي هي العقوبات لأجل الاستحقاق (ق ، غ ١٣ ، ٣٤٤ ، ٢)
ـ قد بيّنت في باب الآلام أنّ الذي قاله شيخنا أبو هاشم رحمهالله ، من أنّ الضرر لا يكون إلّا قبيحا لا يصحّ ، وأنّ الأولى في حقيقته أنّه كل ألم وغمّ ، أو ما يؤدّي إليهما ، من غير أن يعقبا نفعا يوفى عليه. فكل ما هذا حاله يوصف بأنه ضرر ومضرّة ، فلذلك توصف المعاصي بأنّها ضرر ، من حيث تؤدّي إلى العقاب (ق ، غ ١٤ ، ٤١ ، ٨)
ضرورة
ـ زعم بعضهم وهو" الشحّام" أنّ الله يقدر على ما أقدر عليه عباده ، وأنّ حركة واحدة تكون مقدورة لله وللإنسان ، فإن فعلها الله كانت ضرورة وإن فعلها الإنسان كانت كسبا (ش ، ق ، ١٩٩ ، ٩)
ـ إنّ الضرورة ما حمل عليه الشيء وأكره وجبر عليه ولو جهد في التخلص منه وأراد الخروج عنه واستفرغ في ذلك مجهوده لم يجد منه انفكاكا ولا إلى الخروج عنه سبيلا (ش ، ل ، ٤١ ، ١٠)
ـ إنّ العلم بالله وبأمره عرض لا يدرك إلّا بالاستدلال ، وقد أظهر به ما يستدل من أحوال نفسه التي عليها مداره ، مع ما بيّنا أنّ الضرورة تبعثه على النظر وتدفعه إلى الفكر فيما يرى من أحواله وأعضائه ومنافعه ومضارّه التي في الجهل بها عطبه وفي العلم بها صلاحه ، وفي صلاحه بها على علمه بأنّه لم يكن دبّر ما ذكرت من أحوال تضطرّه إلى معرفته ومن قام هو به (م ، ح ، ١٣٧ ، ١٦)
ـ إنّ الضرورة في اللغة تكون بمعنى الحاجة (ب ، ت ، ٣٥ ، ٢١)
ـ قال (الأشعري) في بعض كتبه إنّ معنى الضرورة ما حمل عليه الإنسان وأجبر عليه ولو أراد التخلّص منه لم يجد إليه سبيلا. وقال في غيره من الكتب إنّ الضرورة تستعمل في هذه المعاني على أحد وجهين ، أحدهما بمعنى الحاجة كقوله تبارك وتعالى (فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ) (المائدة : ٣) وقوله سبحانه (إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ) (الأنعام : ١١٩) فهذه ضرورة الحاجة. وقد تكون ضرورة على معنى ما يحدث فيه كارها له ، كقول القائل" اضطررت إلى فعل كذا" و" اضطرّني السلطان إلى دفع مالي إليه" إذا أكرهه عليه ، فعلى هذا قد يكون نوع الكسب ضرورة بأن يحدث فيه مع الكراهة له من وجه وإن كان مريدا له من وجه. وعلى هذا يجيز أن يكون شيء واحد كسبا ضرورة من وجهين على الوجه الذي بيّنا (أ ، م ، ١٢ ، ٣)
ـ إنّ الضرورة في أصل اللغة هي الإلجاء ، قال الله تعالى : (إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ) (الأنعام : ١١٩) أي ما ألجئتم إليه ، وفي العرف ، إنّما يستعمل فيما يحصل فينا لا من قبلنا ، بشرط أن يكون جنسه داخلا تحت مقدورنا ، ولذلك يقال حركة ضروريّة لما دخل جنسها تحت مقدورنا ، ولم يقل لون ضروريّ لما لم يدخل جنسه تحت مقدورنا ، هذا إذا كان مطلقا (ق ، ش ، ٤٨ ، ٦)
ـ كان أبو علي ، رحمهالله ، يقول في الضرورة : إنّه ما يفعله الإنسان في غيره ، كان قادرا على مثله أو لم يكن. وعلى الوجه الذي حدّدناه أولا لا يكون مضطرّا إلّا وهو قادر ، وإن لم يكن قادرا على نفس ما اضطرّه إليه. فإذا جعل