إذا رأيت فيما لا يبقى ما لا ضدّ له ، ورأيت ما يبقى له ضدّ علمت بأنّ العلّة فيه صحّة بقائه ؛ قيل له : ليس الأمر كما ظننته ؛ لأنّ فيما لا يبقى ما له ضدّ ، وفيه ما لا ضدّ له. وإنّما كان لما أوردته شبهته لو اشترك الكل في أنّه لا ضدّ له. وبعد ، فإنّ فيما يبقى ما لا ضدّ له أيضا ، وهو الاعتماد والتأليف والحياة ؛ على ما حصّله شيخنا أبو هاشم ـ رحمهالله ـ آخرا ، فما ادّعيت استمرار الوجود فيه فباطل. فإن قال : إنّه وإن كان لا ضدّ له فلما يحتاج إليه ضدّ ، ويجري ذلك في أنّه يقتضي كون القادر عليه قادرا على ما ينافيه مجرى نفس الضدّ ؛ قيل له : إذا صحّ أنّ في المقدورات الباقية ما لا ضدّ له أصلا فما الذي يمنع من أن يكون فيها ما لا ضدّ لما يحتاج إليه بألّا يحتاج في وجوده إلى غيره. وقد ثبت في الجوهر أنّه لا يحتاج في وجوده إلى غيره كحاجة التأليف. وبعد ، فإن ما ذكره السائل إنّما يصحّ في ضدّ الشيء بالحقيقة ، فأمّا ضدّ ما يحتاج إليه فلا يجب أن يكون القادر على الشيء قادرا عليه ؛ ألا ترى أنّ الواحد منّا يقدر على القتل ولا يقدر على الحياة لمّا كان ضدّا لما يحتاج إليه. ومتى قدر على الإرادة قدر على الكراهة ؛ لأنّها ضدّ في الحقيقة (ق ، غ ١١ ، ٤٣٤ ، ١٦)
ضدان
ـ قال إبراهيم (النظّام) : وجدت الحرّ مضادا للبرد ووجدت الضدين لا يجتمعان في موضع واحد من ذات أنفسهما ، فعلمت بوجودي لهما مجتمعين أنّ لهما جامعا جمعهما وقاهرا قهرهما على خلاف شأنهما. وما جرى عليه القهر والمنع فضعيف ، وضعفه ونفوذ تدبير قاهره فيه دليل على حدثه وعلى أنّ محدثا أحدثه ومخترعا اخترعه لا يشبهه ، لأنّ حكم ما أشبهه حكمه في دلالته على الحدث ، وهو الله رب العالمين (خ ، ن ، ٤٠ ، ٢١)
ـ الضدّان هما المتنافيان اللذان ينفي أحدهما الآخر ، وأنكر" أبو الهذيل" هذا القول لأنّ الحرفين يتنافيان ولا يتضادّان (ش ، ق ، ٣٧٦ ، ٤)
ـ الضدّان هما اللذان لا يجتمعان ، فمعنى أنّ الشيئين ضدّان أنّهما لا يجتمعان ، وهذا قول" عبّاد بن سليمان" (ش ، ق ، ٣٧٦ ، ١٠)
ـ إنّ الضدّين لا يجتمعان في محلّ واحد ، ولا في جهة واحدة ، ولا في الموجود في المحلّ ، ولكنّه يصحّ وجودهما في محلّين على سبيل المجاورة (ش ، ل ، ٩١ ، ٧)
ـ إنّ كل عرضين لا يصحّ أن يحدثا معا ولا أن يحدث كل واحد منهما مع جنس صاحبه فهما ضدّان (أ ، م ، ٢٥٧ ، ٢١)
ـ إنّ الضدّين يصحّ أن يكونا مرادين لمريدين بل لمريد واحد إذا اعتقد ارتفاع التضادّ بينهما ، لأنّ إرادة الشيء تابع لصحّة حدوثه ، وصحّة الحدوث ثابتة في كل واحد من الضدّين ، فصحّ أن يعلم الله تعالى ذلك من حال كل واحد منهما ، وإذا صحّ ذلك صحّ أن يريدهما ، وإذا صحّ وجب ، لأنّ صفة الذات إذا صحّت وجبت ، فيجب حصولها (ق ، ش ، ٤٤٣ ، ١٣)
ـ والكلام في أنّ لا ضدّ للقديم ظاهر ، وذلك لأن من حقيقة الضدّين أن يصحّ وجود أحدهما بدلا من الآخر. إمّا على طريقة التحقيق أو على طريقة من التقدير ليثبت التضادّ فيهما (ق ، ت ١ ، ١٤١ ، ٦)
ـ مما يدلّ على أنّ القديم لا ضدّ له ما قد تقرّر أنّ من حق كل ضدّين أن تكون صفة أحدهما