ف ١ ، ١٢ ، ١٦)
ـ العلّة لا توجب الصفة وما يضادّها ، والضدّ ينفي الشيء وما يضادّه ، فكيف يكون الضدّ علّة (أ ، ت ، ٢٦٥ ، ٨)
ضد في الحقيقة
ـ إن قيل : هلّا قلتم إنّ العقل يدلّ على جواز فناء الجواهر ؛ لأنّ القادر على الشيء يجب كونه قادرا على ضدّه؟ قيل له : ليس الأمر كما قدّر ؛ لأنّ في الحوادث ما لا ضدّ له. وإنّما يجب ذلك متى ثبت أنّ له ضدّا مقدورا ، فيجب أن يكون القادر عليه قادرا على جنس ضدّه. ولا دليل في العقل على أنّ للجواهر ضدّا ، فلا يصحّ ما ذكرته. فإن قال : هلّا قلتم : إنّ في العقل دلالة على ذلك ، وهو أنّ كل مقدور يصحّ البقاء عليه فلا بدّ من أن يكون له ضدّ. يدلّ على ذلك أنّا اعتبرنا ما هذا حاله ، فوجدناه على اختلافه واختلاف وجوه اختلافه قد يشترك في أنّ له ضدّا. قيل له : إنّ الوجود لا يدلّ على الأحكام. وقد بيّنا ذلك فيما سلف ، فيجب أن يظهر ما له وجب في هذه المقدورات الباقية أنّ لها أضدادا ، ويبيّن أنّ ذلك إنّما وجب فيها لكونها مقدورة باقية ليتمّ ما ذكرته. فإن قال : إذا رأيت فيما لا يبقى ما لا ضدّ له ، ورأيت ما يبقى له ضدّ علمت بأنّ العلّة فيه صحّة بقائه ؛ قيل له : ليس الأمر كما ظننته ؛ لأنّ فيما لا يبقى ما له ضدّ ، وفيه ما لا ضدّ له. وإنّما كان لما أوردته شبهته لو اشترك الكل في أنّه لا ضدّ له. وبعد ، فإنّ فيما يبقى ما لا ضدّ له أيضا ، وهو الاعتماد والتأليف والحياة ؛ على ما حصّله شيخنا أبو هاشم ـ رحمهالله ـ آخرا ، فما ادّعيت استمرار الوجود فيه فباطل. فإن قال : إنّه وإن كان لا ضدّ له فلما يحتاج إليه ضدّ ، ويجري ذلك في أنّه يقتضي كون القادر عليه قادرا على ما ينافيه مجرى نفس الضدّ ؛ قيل له : إذا صحّ أنّ في المقدورات الباقية ما لا ضدّ له أصلا فما الذي يمنع من أن يكون فيها ما لا ضدّ لما يحتاج إليه بألّا يحتاج في وجوده إلى غيره. وقد ثبت في الجوهر أنّه لا يحتاج في وجوده إلى غيره كحاجة التأليف. وبعد ، فإن ما ذكره السائل إنّما يصحّ في ضدّ الشيء بالحقيقة ، فأمّا ضدّ ما يحتاج إليه فلا يجب أن يكون القادر على الشيء قادرا عليه ؛ ألا ترى أنّ الواحد منّا يقدر على القتل ولا يقدر على الحياة لمّا كان ضدّا لما يحتاج إليه. ومتى قدر على الإرادة قدر على الكراهة ؛ لأنّها ضدّ في الحقيقة (ق ، غ ١١ ، ٤٣٤ ، ١٩)
ضد ما يحتاج إليه
ـ إن قيل : هلّا قلتم إنّ العقل يدلّ على جواز فناء الجواهر ؛ لأنّ القادر على الشيء يجب كونه قادرا على ضدّه؟ قيل له : ليس الأمر كما قدّر ؛ لأنّ في الحوادث ما لا ضدّ له. وإنّما يجب ذلك متى ثبت أنّ له ضدّا مقدورا ، فيجب أن يكون القادر عليه قادرا على جنس ضدّه. ولا دليل في العقل على أنّ للجواهر ضدّا ، فلا يصحّ ما ذكرته. فإن قال : هلّا قلتم : إنّ في العقل دلالة على ذلك ، وهو أنّ كل مقدور يصحّ البقاء عليه فلا بدّ من أن يكون له ضدّ. يدلّ على ذلك أنّا اعتبرنا ما هذا حاله ، فوجدناه على اختلافه واختلاف وجوه اختلافه قد يشترك في أنّ له ضدّا. قيل له : إنّ الوجود لا يدلّ على الأحكام. وقد بيّنا ذلك فيما سلف ، فيجب أن يظهر ما له وجب في هذه المقدورات الباقية أنّ لها أضدادا ، ويبيّن أنّ ذلك إنّما وجب فيها لكونها مقدورة باقية ليتمّ ما ذكرته. فإن قال :