يقدر أنّه لو كان مقدورا له لصحّ منه أن يوقعه على وجه ، فإذا كانت مؤثّرة على هذا الحدّ فيجب أن لا تتعدّى طريقة الإحداث وأن تجري مجرى القدرة (ق ، ت ١ ، ٢٨٦ ، ١٣)
ـ إنّه قد ثبت في الإرادة أنّها قد تتعلّق بالشيء على وجه التفصيل ، وأنّها لا تتعدّى المراد الواحد ولا الوجه الواحد لمثل ما نقوله في العلم ، وما حلّ هذا المحل من المعاني المتعلّقة فلا يصحّ أن يتعلّق بأزيد من شيء واحد. والقول بأنّها تتعلّق بكون الشيء أن يكون وبضدّه أن لا يكون ، يقتضي تجاوزها في التعلّق للشيء الواحد مفصّلا وهذا باطل (ق ، ت ١ ، ٢٨٦ ، ٢٦)
ـ فأمّا الإرادة فإنّها تقع على سبيل التبع المراد. وكذلك فهي من حيث كانت جهة للفعل تصير كجزء من الفعل ، فلا يحتاج إلى إفراده بإرادة أخرى. وعلى هذا تراعى حالها بحاله ، فمتى كان ملجأ إليه كان ملجأ إليها ، ومتى كان مختارا في المراد فكذلك حاله في الإرادة ، فتراعى حالها في الداعي بحاله (ق ، ت ١ ، ٢٩١ ، ١٠)
ـ إنّ ما يقع على وجه واحد فالإرادة لا تؤثّر في حالها بل تجعلها قبحا ، فنخالف ما تؤثّر الإرادة فيه لأنّها إذا قبحت فلا بدّ من أن يكون المراد قبيحا ، إذ لو لا قبحه لما قبحت ، فلا يبقى مؤثّرة والحال هذه ، والواقع على وجه واحد هو ردّ الوديعة. واختلف" الشيوخ" في ردّها إذا قصد به الاختداع. فقضى" أبو علي" بقبح الردّ وخالفه فيه" أبو هاشم" وهو الذي قال به" أبو الهذيل" ، وقالا إنّ الإرادة تقبح دون المراد وهو الصحيح. وذلك لأنّه قد وقع ردّا للوديعة وليس حال من ردّ الوديعة ، وقصد هذا الوجه المذموم بآكد حالا ممن لم يفعل إرادة له أصلا. ومعلوم أنّه لو لم يفعل الإرادة في ذلك لما أثّر في حال ردّ الوديعة ، فإذا أتى بإرادة قبيحة فيجب أن لا يقبح ، وهذا الخلاف هاهنا كهو في النظر والعلم إذا قصد بهما وجها قبيحا وقد بيّناه في موضعه (ق ، ت ١ ، ٣٠٦ ، ٢٣)
ـ اعلم أنّ للناس في الإرادة مذاهب ثلاثة. إمّا قولنا إنّها يصحّ أن تتقدّم ويصحّ أن تقارن ، وإما قول" الجبرية" إنّها لا بدّ من مقارنتها لقولهم بأنّها موجبة على نحو طريقتهم في القدرة ، وإمّا قول بعض البغداديين" إنّها لا بدّ من تقدّمها مع قولهم بأنّها موجبة ولكنّهم بنوه على أصلهم أنّ العلّة أو السبب يجب تقدّمهما (ق ، ت ١ ، ٣٠٧ ، ٢)
ـ الإرادة تكون مقارنة أو في حكم المقارن لمّا كان تأثيرها في وقوع الفعل على وجه. ولهذا وجبت مقارنة العلم للفعل المحكم (ق ، ت ٢ ، ١٠٥ ، ٤)
ـ أمّا الإرادة فهي موجبة لكون الكلام بها أمرا أو خبرا ، فلو حصلت فيه من جهة غيره وقضينا لها بالتأثير لخرج الكلام من أن يكون خبرا على وجه يتعلّق باختيارنا. فوجب أن تكون الإرادة التي تؤثّر من فعل المريد بها (ق ، ت ٢ ، ١٥٢ ، ٢٢)
ـ الإرادة تتبع المراد ، فما دعاه إلى المراد يدعوه إلى الإرادة ؛ فلذلك لا يصحّ أن يريدهما جميعا (ق ، غ ٤ ، ٢٨٣ ، ١١)
ـ الإرادة تقبح لكونها عبثا ، كإرادة تصرّف الناس على التفضيل ، وكتقديم إرادة القديم تعالى لأفعاله المبتدأة لو قدّمها ، وكإرادة الواحد منّا الإرادة من نفسه في الحال. وقد تقبح لكونها إرادة للقبيح ، أو إرادة لما لا يطاق ، أو إرادة