فالذي يدلّ على ثباتها له ، هو أنّ في أفعاله تعالى ما وقع على وجه دون وجه ، والفعل لا يقع على وجه دون وجه إلّا لمخصّص هو الإرادة (ق ، ش ، ٤٣٥ ، ١٣)
ـ إنّ الضدّين يصحّ أن يكونا مرادين لمريدين بل لمريد واحد إذا اعتقد ارتفاع التضادّ بينهما ، لأنّ إرادة الشيء تابع لصحّة حدوثه ، وصحّة الحدوث ثابتة في كل واحد من الضدّين ، فصحّ أن يعلم الله تعالى ذلك من حال كل واحد منهما ، وإذا صحّ ذلك صحّ أن يريدهما ، وإذا صحّ وجب ، لأنّ صفة الذات إذا صحّت وجبت ، فيجب حصولها (ق ، ش ، ٤٤٣ ، ١٤)
ـ الإرادة لا يصحّ تعلّقها بالنفي ، لأنّها لو تعدّت في التعلّق من وجه الحدوث إلى ما زاد عليه ولا حاصر ، لوجب تعدّيها في التعلّق إلى سائر الوجوه كالاعتقاد ، فتعلّق بالقديم والماضي والباقي ، وقد علم تعذّر ذلك ؛ وأما إرادة أن لا يقوم زيد فهي متعلّقة بضدّ القيام وهو القعود ، ولذلك لا يصحّ أن يريد من الميت أن لا يقوم ، لما لم يتأت منه القعود (ق ، ش ، ٤٤٦ ، ١)
ـ إنّ الإرادة علّة ، ومن حقّ العلّة أن تختصّ بالمعلول غاية الاختصاص بطريقة الحلول إذا كان ممكنا ، وطريقة الحلول فينا ممكنة ، فمتى لم تحلّنا انقطع اختصاصها بنا ، وإذا انقطع اختصاصها بنا وجب أن تختصّ بالله سبحانه وتعالى ، سيما إذا كان وجودها على حدّ وجود القديم ، وإلّا خرجت عن كونها علّة موجبة واختصّت به دوننا وصارت بإيجاب الحكم له أولى وصار الحال فيها كالحال في جنس من الأجناس المقدورات ؛ إذا ثبت كونه مقدورا ، وثبت أنّه غير مقدور لنا ، فإنّه والحال هذه لا بدّ من أن يكون مقدورا لله تعالى ، وإلّا خرج عن كونه مقدورا ، كذلك في مسألتنا (ق ، ش ، ٤٥٢ ، ٧)
ـ إنّ الإرادة لا تقع مقصودة ، وإنّما تقع تبعا ؛ ألا ترى أنّ الآكل إذا أراد الأكل فإنّ إرادته تابعة للأكل لا أنّها مقصودة ، بل المقصود هو الأكل ثم ما يدعو إليه يدعو إلى إرادته ، فكذلك الحال في غير الأكل (ق ، ش ، ٤٥٣ ، ١٥)
ـ إنّ الإرادة تتعلّق بما المعلوم أنّه يقع وبما المعلوم أنّه لا يقع على سواء (ق ، ش ، ٥١٦ ، ١٠)
ـ إنّ الإرادة إذا تعلّقت بالشيء ، فإنّما تتعلّق به لصحّة حدوثه ، وما المعلوم أنّه لا يقع كما المعلوم أنّه يقع في صحّة الحدوث ، فكيف لا تتعلّق به الإرادة والحال ما قلناه؟ (ق ، ش ، ٥١٦ ، ١٣)
ـ إنّ الإرادة ليست من الشهوة بسبيل. وأمّا الدواعي فقد تستمرّ بأحدنا ويكون فاعلا في حال دون غيرها لكونه مريدا ومختارا ، وهذا كمن بين يديه الطعام وهو عالم بأنّه مهما تناول انتفع به لأنّ هذا هو الذي يدعوه إلى تناوله. ثم يختار أن يتناوله في وقت من هذه الأوقات دون ما عداها وقد يتساوى داعيه إلى أفعال ويختار بعضها دون بعض نحو من هو ملجأ إلى الهرب من السبع ، وهناك طريقان لأنّه يكون ملجأ إلى الهرب من كل واحد من الطريقين ، فداعيه إليهما على سواء ويختار أحدهما دون الآخر. وهكذا الحال إذا كان بين يديه طبق عليه تمر أو كان بين يديه درهمان أو ديناران (ق ، ت ١ ، ٢٦٧ ، ١٣)
ـ الإرادة تؤثّر في المراد ضربا من التأثير إمّا على التحقيق أو التقدير ونعني بهذا أنّه قد يريد فعل الغير ولا يتأتّى منه إيقاعه على وجه ، ولكنه