لا على غير ذلك أصلا وقد قال تعالى : (سُبْحانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ) (الصافات : ١٨٠) فأنكر تعالى إطلاق الصفات جملة ، فبطل تمويه من موّه بالحديث المذكور ليستحلّ بذلك ما لا يحلّ من إطلاق لفظة الصفات حيث لم يأت بإطلاقها فيه نص ولا إجماع أصلا ولا أثر عن السلف ، والعجب من اقتصارهم على لفظة الصفات ومنعهم من القول بأنّها نعوت وسمات ، ولا فرق بين هذه الألفاظ لا في لغة ولا في معنى ولا في نص ولا في إجماع (ح ، ف ٢ ، ١٢٢ ، ٧)
ـ أمّا لفظ الصفة في اللغة العربية وفي جميع اللغات فإنّما هو عبارة عن معنى محمول في الموصوف بها ، لا معنى للصفة غير هذا البتّة ، وهذا أمر لا يجوز إضافته إلى الله تعالى البتّة إلّا أن يأتي نص بشيء أخبر الله تعالى به عن نفسه فنؤمن به وندري حينئذ أنّه اسم علم لا مشتقّ من صفة أصلا ، وأنّه خبر عنه تعالى لا يراد به غيره عزوجل لا يرجع منه إلى سواه البتّة (ح ، ف ٢ ، ١٥٩ ، ١٦)
ـ لا تعقل الصفة والصفات في اللغة التي بها نزل القرآن وفي سائر اللغات وفي وجود العقل وفي ضرورة الحسّ إلّا أعراضا محمولة في الموصوفين ، فإذا جوّزوها غير أعراض بخلاف المعهود فقد تحكّموا بلا دليل ، إذ إنّما يصار إلى مثل هذا فيما ورد به نص ، ولم يرد قط نص بلفظ الصفات ولا بلفظ الصفة ، فمن المحال أن يؤتي بلفظ لا نصّ فيه يعبّر به عن خلاف المعهود (ح ، ف ٢ ، ١٧٣ ، ١٢)
ـ الصفة الواحدة لا يصحّ أن تستحقّ لمعنيين مختلفين (أ ، ت ، ١٦٦ ، ٦)
ـ ذهبت المعتزلة إلى أنّ الصفة هي نفس الوصف ، والوصف هو خبر الخبير عمّن أخبر عنه بأمر ما ، كقوله : إنّه عالم أو قادر أو أبيض أو أسود ونحوه ، وأنّه لا مدلول للصفة والوصف إلّا هذا (م ، غ ، ١٤٤ ، ٣)
ـ أمّا معتقد أهل الحق : فالصفة هي ما وقع الوصف مشتقّا منها ، وهو دالّ عليها وذلك مثل العلم والقدرة ونحوه ، فالمعنيّ بالصفة ليس إلّا هذا المعنى ، والمعنيّ بالوصف ليس إلّا ما هو دالّ على هذا المعنى بطريق الاشتقاق ، ولا يخفى ما بينهما من التغاير في الحقيقة ، والتنافر في الماهيّة ، فالخلاف إن وقع فليس إلّا في تسمية هذا المعنى صفة ، وحاصل النزاع في ذلك مما لا مطمع فيه باليقين ، وإنّما هو مستند إلى الظنّ والتخمين (م ، غ ، ١٤٤ ، ١٣)
ـ شهادة كل صفة أنّها غير الموصوف بكلام عجيب ، وأنا أحكي ألفاظه لتعلم. قال معنى هذا التعليل أنّ الفعل في الشاهد لا يشابه الفاعل ، والفاعل غير الفعل ، لأنّ ما يوصف به الغير إنّما هو الفعل أو معنى الفعل كالضارب ، والفهم فإنّ الفهم والضرب كلاهما فعل والموصوف بهما فاعل ، والدليل لا يختلف شاهدا وغائبا. فإذا كان تعالى قديما وهذه الأجسام محدثة كانت معدومة ثم وجدت ، يدلّ على أنّها غير الموصوف بأنّه خالقها ومدبّرها (أ ، ش ١ ، ٢٥ ، ١٣)
ـ إنّهم (أبو هاشم وأتباعه من المعتزلة) يعنون بالذّات والشيء كلّ ما يعلم أو يخبر عنه بالاستقلال ، وبالصّفة كلّ ما لا يعلم إلّا بتبعيّة الغير. فكلّ ذات إمّا موجودة أو معدومة ، والمعدوم يقال على كلّ ذات ليس له صفة الوجود ، ويجوز أن يكون له غير تلك الصّفة ، كصفات الأجناس ، عند من يثبتها للمعدومات