عباده شيئا لا يعلمه؟ فإن قالوا : لا يعلّم الله عباده شيئا إلّا وهو به عالم. قيل لهم : فكذلك لا يقدرهم على شيء إلّا وهو عليه قادر ، فلا بدّ من الإجابة إلى ذلك. فيقال لهم : فإذا أقدرهم على الكفر فهو قادر على أن يخلق الكفر لهم ، وإذا قدر على خلق الكفر لهم فلم أثبتم خلق كفرهم فاسدا متناقضا باطلا ، وقد قال تعالى : (فَعَّالٌ لِما يُرِيدُ) (هود : ١٠٧ والبروج : ١٦) وإذا كان الكفر مما أراد فقد فعله وقدّره (ش ، ب ، ١٣٣ ، ١١)
ـ قد حكي عن جعفر بن حرب ، رحمهالله ، أنّه جوّز أن يقال إنّ الله سبحانه أراد أن يكون الكفر مخالفا للإيمان ، وأن يكون قبيحا غير حسن ، بمعنى أنّه حكم بذلك ؛ وأبى سائر أهل العدل هذا الإطلاق ، وأنكروه (ق ، غ ٦ / ٢ ، ٦ ، ٢)
ـ إنّ الإنسان قد يريد بإرادة يخلقها الله عزوجل فيه فيكون هو المريد بها دون فاعلها (ب ، أ ، ٨٦ ، ٧)
ـ أجمع أصحابنا على نفوذ مشيئة الله تعالى في مراداته على حسب علمه بها. فما علم منه حدوثه أراد حدوثه خيرا كان أو شرا. وما علم أنّه لا يكون أراد أن لا يكون. وكل ما أراد كونه فهو كائن في الوقت الذي أراد حدوثه فيه على الوجه الذي أراد كونه عليه. وكل ما لم يرد كونه فلا يكون سواء أمر به أو لم يأمر به (ب ، أ ، ١٤٥ ، ١١)
ـ إنّ الله تعالى قد أراد حدوث كل ما علم حدوثه من خير وشر. وقال في التفصيل أنّه أراد حدوث الكفر من الكافر بأن يكون كسبا له قبيحا منه. ولم يقل أراد الكفر والمعصية على الإطلاق من غير تقييد له ، على الوجه الذي ذكرناه. وهذه طريقة شيخنا أبي الحسن رحمهالله. ومنهم من قال إذا عبّرنا عن المعاصي والكفر بأنّها حوادث قلنا إنّ الله تعالى أراد حدوثها ولم نقل أراد الكفر والعصيان ، وإن قلنا أراد حدوث هذا الحادث الذي هو كفر أو معصية (ب ، أ ، ١٤٦ ، ٦)
ـ اختلفت القدريّة في هذه المسألة فزعم النظّام والكعبي أنّ الله تعالى ليست له إرادة على الحقيقة. وإذا قيل أنّه أراد شيئا من فعله فمعناه أنّه فعله ، وإذا قيل أنّه أراد شيئا من فعل غيره فمعناه أنّه أمر به (ب ، أ ، ١٤٦ ، ١٦)
ـ زعم البصريون منهم أنّه (الله) مريد بإرادة حادثة لا في محل وقالوا قد يريد ما لا يكون وقد يكره الشيء فيكون ، وزعموا أن المعاصي كلّها على كراهة منه وأنّه قد شاء هداية كل الناس ولم يشأ ضلال أحد (ب ، أ ، ١٤٦ ، ١٨)
ـ (وَهُوَ الْخَلَّاقُ) (يس : ٨١) الكثير المخلوقات (الْعَلِيمُ) (يس : ٨١) الكثير المعلومات. وقرئ الخالق (إِنَّما أَمْرُهُ) (يس : ٨٢) إنّما شأنه (إِذا أَرادَ شَيْئاً) (يس : ٨٢) إذا دعاه داعي حكمه إلى تكوينه ولا صارف (أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ) (يس : ٨٢) أن يكوّنه من غير توقّف (فَيَكُونُ) (يس : ٨٢) فيحدث : أي فهو كائن موجود لا محالة (ز ، ك ٣ ، ٣٣٢ ، ١٧)
إرادات
ـ زعم (النظّام) أيضا أنّ العلوم والإرادات من جملة حركات القلوب ، وزعم أنّ كل شيء من العالم ليس بحركة فهو جسم وأدخل الألوان والطعوم والأصوات والاستطاعة في جملة الأجسام (ب ، أ ، ٤٦ ، ١١)
ـ قوله (النظّام) إنّ أفعال العباد كلها حركات فحسب. والسكون حركة اعتماد. والعلوم